Le sionisme mondial
الصهيونية العالمية
Genres
يقول هذا في عدد الرابع من أبريل، ثم يقول في العدد الذي يليه - أي عدد الحادي عشر من أبريل: إن هذه الحرية في جنب العالم الإسلامي قد تعيش في جوفه معيشة الجيران فتقوى على البقاء والتعمير.
وقال: «إنه لا مناص لإسرائيل مع مقاطعة العرب في الوقت الحاضر من البحث عن أسواق بعيدة، تبيع فيها حاصلاتها ومصنوعاتها، ولكن هذه المقاطعة إذا انتهت وقبلت الحكومات العربية حكومة إسرائيل لتعيش إلى جانبها معيشة الجيران، فيومئذ تنظر إسرائيل كأنها بلجيكا أخرى أو كأنها ألستر أخرى في المشرق ...»
وعلينا - نحن العرب الطيبين الذين يقبلون الحربة جارا مقيما في أبدانهم - أن نفهم ماذا يعني هذا الصهيوني الأريب بالمثل الذي ضربه عن بلجيكا أو ألستر دون غيرهما من البلدان.
فبلجيكا حربة في جنب ألمانيا، وألستر حربة في جنب أيرلندة، وكلتاهما تقيم في مكانها؛ لأن العدو ملاصق لحدودها.
ومن العدو هنا غير الأمم العربية؟ ومن المطلوب منه أن يثبت هذه الحربة في جنبه غير الأمم العربية؟ ومن الذي يقبل هذه الغفلة في ظن هذا الصهيوني وأمثاله غير الأمم العربية؟
إن غفلة الأمم العربية وخيانتها لنفسها مطلوبتان لراحة إسرائيل وتخفيف متاعبها، فلم تتغفل الأمم العربية نفسها باختيارها أو على الرغم منها؟ ولم لا تخون قضيتها وتبيع حاضرها ومستقبلها إذا كان ذلك لازما لراحة إسرائيل، وتخفيف المتاعب عن إسرائيل؟
عجب لا مثيل له في العجب.
وأقوال تقال ولا يدري قائلوها أن العربي لن يعقل منها غير معنى واحد أوضح أمامه من الشمس في ضحاها، فلولا عداوة جهنمية - والعياذ بالله - لهذه الأمم العربية لما خطر لهؤلاء الناس أن اللفظ الذي يهذرون به كلام يقال ويجوز على العقول.
إن الأمم العربية يطلب منها أن تعجز باختيارها عن مقاومة إسرائيل في ميدان المعاملات، ويطلب منها أن تنظر إلى خنجر في يد صهيون فتفتح له صدرها، أو تأخذه من يدها لتغمده في تلك الصدور الخاوية.
وكل هذه الأعاجيب التي لا تخطر على البال لو لم تنظر بالأعين وتسمع بالآذان، إنما هي في الواقع من أعاجيب هذا المخلوق المشوه المتناقض المسمى إسرائيل، فإن بقاءه يتوقف على النقيضين، ولا بقاء لمخلوق يقوم على نقيضين، فهو عدو العرب ومصيره بأيدي العرب، ولا حيلة للعرب في الأمر لأنهم مخيرون بين مقاطعة هذا العدو، وبين إحيائه بالوسيلة التي لا حياة له بغيرها، وهي استغلال البلاد العربية وتوطينها النفس على البقاء إلى الأبد رهينة بذلك الاستغلال، فإنها لا يكفي منها لإبقاء إسرائيل أن ترفع الحصار عنها، بل يجب على كل أمة عربية بعد ذلك أن تظل مفتقرة إلى الصناعة لتشتري من إسرائيل ولا تشتري من صناعتها، وأن تظل رخيصة الخامات لتأخذ منها إسرائيل ما تأخذه بالثمن البخس الذي تجود به عليها، ونكاد نقول: إن العرب لو أرادوا ذلك لما استطاعوا، ولهذا ينكشف المصير المحتوم أمام الصهيونية في إسرائيل، مصير يتوقف على المستحيل.
Page inconnue