ولا محالة من قبرٍ بمحنيةٍ،
أو في مليعٍ كظهر التُّرس وضَّاح فتطربان من سمع، وتستفزَّان الأفئدة بالسُّرور، ويكثر حمد الله، سبحانه، كما أنعم على المؤمنين والتّائبين، وخلَّصهم من دار الشّقوة إلى محلِّ النَّعيم.
ويعرض له، أدام الله الجمال ببقائه، الشَّوق إلى نظر كالسحابٍ كالساب الذي وصفه قائل هذه القصيدة في قوله:
إنِّي أرقت، ولم تأرق معي صاح
لمستكفّ، بعيد النَّوم، لمَّاح
قد نمت عنّي وبات البرق يسهرني
كما استضاء يهوديُّ بمصباح
تهدي الجنوب بأولاه وناء به
أعجاز مزنٍ، يسوق الماء دلاَّح
كأنّ ريَّقه، لَّما علا شطبًا،
أقراب أبلق ينفي الخيل رمَّاح
كأنّ فيه عشارًا جلَّةً شرفًا،
عوذًا مطافيل، قد همَّت بإرشاح
دانٍ، مسفّ فويق الأرض هيدبه
يكاد يدفعه من قام بالرَّاح
فمن بنجوته كمن بعقوته،
والمستكنُّ كمن يمشي بقرواح
وأصبح الرّوض والقيعان ممرعةً
ما بين منفتقٍ منه ومنصاح فينشىء الله، تعالت آلاؤه، سحابةً كأحسن ما يكون من السُّحب، من نظر إليها شهد أنَّه لم ير قطُّ شيئًا أحسن منها، محلاّةً بالبرق في وسطها وأطرافها، تمطر بماء ورد الجنَّة من طلٍّ وطشٍّ، وتنثر حصى الكافور كأنَّه صغار البرد، فعزَّ إلهنا القديم الذي لا بعجزه تصوير الأمانيّ وتكوين الهواجس من الظُنون.
ويلتفت فإذا هو
جران العود
بجران العود النُّميريّ، فيحييِّه ويرحِّب به، ويقول لبعض القيان: أسمعينا قول هذا المحسن:
حملن جران العود حتى وضعنه
بعلياء في أرجائها الجنُّ تعزف
1 / 67