، مَا تصور فِي الأوهام فَهُوَ بخلافه، كَيْفَ يحل بِهِ مَا منه بدأ، أَوْ يعود إِلَيْهِ مَا هُوَ أنشاه، لا تماقله العيون، ولا تقابله الظنون، قربه كرامته، وبعده إهانته، علوه من غَيْر توقل، ومجيئه من غَيْر تنقل، هُوَ الأَوَّل والآخر والظاهر والباطن، القريب البعيد الَّذِي ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] سمعت أبا حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر الطوسي السراج، يحكي عَن يُوسُف بْن الْحُسَيْن، قَالَ: قام رجل بَيْنَ يدي ذي النون الْمِصْرِي، فَقَالَ: أخبرني عَنِ التوحيد مَا هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ أَن تعلم أَن قدرة اللَّه تعالي فِي الأشياء بلا مزاج، وصنعه للأشياء بلا علاج، وعلة كُل شَيْء صنعه، ولا علة لصنعه، وليس فِي السموات العلا ولا فِي الأرضين السفلي مدير غَيْر اللَّه، وكل مَا تصور فِي وهمك فالله بخلاف ذَلِكَ.
وَقَالَ الجنيد: التوحيد علمك وإقرارك بأن اللَّه فرد فِي أزليته لا ثاني مَعَهُ، ولا شيء يفعل فعله.
وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن خفيف: الإيمان تصديق القلوب بِمَا علمه الحق من الغيوب وَقَالَ أَبُو عَبَّاس السياري: عطاؤه عَلَى نوعين: كرامة، واستدراج، فَمَا أبقاه عليك فَهُوَ كرامة، وَمَا أزاله عَنْك فَهُوَ استدراج، فقل: أنا مؤمن إِن شاء اللَّه تعالي وأبو الْعَبَّاس السياري كَانَ شيخ وقته.
1 / 23