وَمِنْهُم أَبُو مُحَمَّد رويم بْن أَحْمَد بغدادي من أجلة المشايخ، مَات سنة ثَلاث وثلاث مائة وَكَانَ مقرئا فقيها عَلَى مذهب دَاوُد قَالَ رويم: من حكم الحكيم أَن يوسع عَلَى إخوانه فِي الأَحْكَام ويضيق عَلَى نَفْسه فِيهَا فَإِن التوسعة عَلَيْهِم اتباع العلم والتضييق عَلَى نَفْسه من حكم الورع.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت عَبْد الْوَاحِد بْن بَكْر يَقُول: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ بْن خفيف يَقُول: سألت رويما فَقُلْتُ: أوصني فَقَالَ: مَا هَذَا الأمر إلا ببذل الروح فَإِن أمكنك الدخول فِيهِ مَعَ هذه وإلا فلا تشتغل بترهات الصوفية.
وَقَالَ رويم: قعودك مَعَ كُل طبقة من النَّاس أسلم من قعودك مَعَ الصوفية فَإِن كُل الخلق قعدوا عَلَى الرسوم وقعدت هذه الطائفة عَلَى الحقائق وطالب الخلق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع وطالب هَؤُلاءِ أنفسهم بحقيقة الورع ومداومة الصدق فمن قعد معهم وخالفهم فِي شَيْء مِمَّا يتحققون بِهِ نزع اللَّه نور الإيمان من قلبه.
وَقَالَ رويم: اجتزت ببغداد وقت الهاجرة ببعض السكك وأنا عطشان فاستقيت من دار ففتحت صبية بابها ومعها كوز فلما رأتني قَالَتْ: صوفي يشرب بالنهار فَمَا أفطرت بَعْد ذَلِكَ اليوم قط،
1 / 85