وَمِنْهُم أَبُو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بْن يَحْيَي الجلاء بغدادي الأصل أقام بالرملة ودمشق من أكابر مشايخ الشام صحب أبا تراب وذا النون وأبا عُبَيْد اليسري وأباه يَحْيَى الجلاء.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن ﵀ يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز الطبري يَقُول: سمعت أبا عُمَر الدمشقي يَقُول: سمعت ابْن الجلاء يَقُول قُلْت لأبي وأمي: أحب أَن تهباني لِلَّهِ ﷿ فقالا: قَدْ وهبناك لِلَّهِ ﷿، فغبت عَنْهُمَا مدة فلما رجعت كانت ليلة مطيرة فدققت الباب فَقَالَ لي أَبِي: من ذا؟ قُلْت: ولدك أَحْمَد فَقَالَ: كَانَ لنا ولد فوهبناه لِلَّهِ تَعَالَى ونحن من العرب لا نسترجع مَا وهبناه وَلَمْ يفتح لي الباب.
وَقَالَ ابْن الجلاء من استوى عنده المدح والذم فَهُوَ زاهد، ومن حافظ عَلَى الفرائض فِي أول مواقيتها فَهُوَ عابد، ومن رأى الأفعال كلها من اللَّه ﷿ فَهُوَ موحد لا يرى إلا واحدا.
ولما مَات ابْن الجلاء نظروا إِلَيْهِ وَهُوَ يضحك فَقَالَ الطبيب: إنه حي ثُمَّ نظر إِلَى مجسته فَقَالَ: إنه ميت ثُمَّ كشف عَن وجهه فَقَالَ: لا أدرى أهو ميت أم حي، وَكَانَ فِي داخل جلده عرق عَلَى شكل لِلَّهِ.
وَقَالَ ابْن الجلاء ﵀: كنت أمشى مَعَ أستاذي فرأيت حدثا جميلا فَقُلْتُ: يا أستاذ ترى يعذب اللَّه هذه الصورة فَقَالَ: أَوْ نظرت إِلَيْهِ؟ سترى غبه قَالَ: فنسيت الْقُرْآن بعده بعشرين سنة.
1 / 84