ولا يتكلم بباطن فِي علم ينقضه عَلَيْهِ ظاهر الكتاب أَوِ السنة، ولا تحمله الكرامات عَلَى هتك أستار محارم اللَّه.
مَات السري سنة سبع وخمسين ومائتين.
سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق يحكي عَنِ الجنيد ﵀ أَنَّهُ قَالَ: سألني السري يوما عَنِ المحبة فَقُلْتُ: قَالَ قوم: هِيَ الموافقة وَقَالَ قوم: الإيثار.
وَقَالَ قوم: كَذَا وكذا، فأخذ السري جلدة ذراعه ومدها فلم تمتد، ثُمَّ قَالَ: وعزته تَعَالَى لو قُلْت: إِن هذه الجلدة يبست عَلَى هَذَا العظم من محبته لصدقت، ثُمَّ غشي عَلَيْهِ فدار وجهه كَأَنَّهُ قمر مشرق وَكَانَ السري بِهِ أدمة.
ويحكى عَنِ السري أَنَّهُ قَالَ: منذ ثلاثين سنة أنا فِي الاستغفار من قولي الحمد لِلَّهِ مرة قيل: وكيف ذَلِكَ؟ فَقَالَ: وقع ببغداد حريق فاستقبلني رجل فَقَالَ لي: نجا حانوتك، فَقُلْتُ: الحمد لِلَّهِ فمنذ ثلاثين سنة أنا نادم عَلَى مَا قُلْت: حيث أردت لنفسي خيرا مِمَّا حصل للمسلمين.
أخبرني بِهِ عَبْد اللَّهِ بْن يُوسُفَ، قَالَ: سمعت أبا بَكْر الرازي، يَقُول: سمعت أبا بَكْر الحريري، يَقُول: سمعت السري يَقُول ذَلِكَ.
ويحكى عَنِ السري أَنَّهُ قَالَ: أنا أنظر فِي أنفى فِي اليوم كَذَا وكذا مرة مخافة أَن يَكُون قَدْ أسود خوفا من اللَّه أَن يسود صورتي لما أتعاطاه.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن ﵀، يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الخشاب، يَقُول: سمعت جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن نصير، يَقُول: سمعت الجنيد، يَقُول: سمعت السري، يَقُول: أعرف طريقا مختصرا قصدا إِلَى الْجَنَّة، فَقُلْتُ لَهُ: مَا هُوَ؟ .
فَقَالَ: لا تسأل من أحد شَيْئًا ولا تأخذ من أحد شَيْئًا ولا يكن معك شَيْء تعطي منه أحدا.
1 / 46