============================================================
فقام الهاشمى من مجلسه وعانق الشاب ويكى وصاح وقال انصرفوا عني وخرج الى حن داره وقعد على حصير مع الشاب ينوح على شبابه ويندب نفسه والشاب يعظه إلى أن أصبح وقد عاهد الله تعالى الا يعود لمعصيته أبدا فلما أصبح أظهر توبته ولزم المسجد والعبادة وأمر بالذهب والفضة والجواهر والملابس فبيعت كلها وتصدق بها وقطع الإجراء على نفسه ورد الضياع المقتطعة وباع ضياعه وعبيده وجواريه وأعتق من اختار العتق وتصدق به كله ولبس الصوف والخشن واكل الشعير وكان يحيى الليل كله ويصوم النهار حتى كان يزوره الصالحون والأخيار ويقولون له ارفق بنفسك فإن المولى كريم يشكر اليسير ويثيب عليه الكثير فيقول ياقوم أنا اعرف بنفسى إن جرمى عظيم عصيت مولاى فى الليل والنهار ويبكى ويكثر البكاء ثم خرج حاجا على قدميه حافيا ما عليه إلا خيثة وما معه إلا ركوة وجراب حتى قدم مكة وقضى حجه فأقام بها إلى أن توفى رحمه الله وكان يدخل الحجر بالليل وينوح على نفسه ويقول سيدى كم لم اراقبك فى خلواتى كم أباررك بالمعاصى سيدى ذهبت حسناتى وبقيت تبعاتى فالويل لى يوم القاك والويل من صحيفتى إذا نشرت مملوءة من فضائحى وخطنثاتى بل حل لى الويل من مقتك إياى وتوبيخك لى في إحسانك إلى ومقابلة نعمتك بالمعاصي وأنت مطلع على فعالى سيدى إلى من أهرب إلا إليك وإلى من التجئ وعلى من أعتمد إلا عليك سيدى إنى لا أستأهل أن أسألك الجنة بل اسألك بجودك وكرمك وفضلك ان تغقر لى وترحمنى فانك أهل التقوى وأهل المغفرة وأنشدوا فى هذا المعنيى: عصيتك جاهلا يا ذا المعالى ففرج ما ترى من سوء حالى الى من يرجع المملوك إلا إلى مولاه يامولى الموالى وقد ألحقت هذين البيتين بثالث فقلت : فاتك أهل مغفرة وعفر وتواب ومفضال النوال الكاية الثاهنة عشرة حكى أنه كان لهارون الرشيد ولد قد بلغ من العمر ست عشرة سنة وكان قد رافق الزهاد والعباد وكان يخرج إلى المقابر ويقول قد كنتم قبلنا وقد كنتم تملكون الدنيا فما أراها منجيتكم وقد صرتم إلى قيوركم فياليت شعرى ما قلتم وما قيل لكم ويبكى بكاء شديدا وكان رضى الله عنه ينشد : تروعنى الجنائز كل يوم ويحزننى بكاه التائحسات
Page 52