أي عظم الشهيد على ما في ضمائرنا وما نبديه من ظواهرنا عن أن يكون له مشاركا في شيء من صفات ذاته أو في شيء من أفعاله وإنعامه على عباده، لأن المشاركة في شيء من صفاته الذاتية توجب للمشارك الكمالات الذاتية التي قام البرهان العقلي والدليل النقلي على استحالة وجودها في غيره ولأنه لو كان له شريك في ملكوته لوجب اختلاف الشريكين في الأمر والقوة لاختلاف أرادتيهما وللزم أن يكون (¬1) أحدهما مقهورا عاجزا إذا نفذت إرادة الآخر في شيء لم يرده هو لأنه لا يكون وهو لم يرده، إلا إذا عجز عن دفعه ووقع على خلاف اختياره وإن اتفقت إرادتهما فلا جائز أن يوجداه معا لئلا يلزم اجتماع مؤثرين على أثر واحد، ولا جائز أن يوجداه مرتبا (¬2) بأن يوجده ثم يوجده الآخر لئلا يلزم تحصيل الحاصل . ولا جائز أن يوجد أحدهما البعض والآخر البعض للزوم عجزهما حينئذ، لأنه لما تعلقت قدرة أحدهما بالبعض سد على الآخر طريق تعلق قدرته به، فلا يقدر على مخالفته وهذا عجز .
فقوله جل المهيمن: بمعنى عظم شأنه، والمهيمن هو الشهيد، وآثر التعبير به (¬3) هنا على غيره من الأسماء تنبيها للسامع بأن الله مطلع على ما في ضميره. فالواجب أن يراقب نفسه فلا يعتقد غير الحق في حق الله عز وجل .
وقوله عنده: العندية مجازية لأنها عبارة عن علو الشأن وعزة السلطان.
وقوله في الذات: أي في صفات الذات فهو على تقدير مضاف محذوف لأن الذات لا يشارك فيها، وإنما تكون المشاركة في الصفات.
والأفعال: جمع فعل وهو هنا عبارة عن تأثير قدرة الله تعالى في المقدورات .
والإحسان: هو الإنعام على المخلوقات وهو نوع من الأفعال عطف عليه عطف خاص على عام تنبيها للسامع بأن من كان فاعلا للإحسان إلى المخلوقات عموما وإلى السامع خصوصا يجب أن لا يجهل شأنه فلا يوصف غيره بصفته الخاصة به .
Page 101