Épîtres des Frères de la Pureté
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
Genres
واجتهد يا أخي في معرفة طلب ما أشار إليه أنبياء الله - تعالى - في الكتب المنزلة على ألسنتهم المأخوذة عن الملائكة معانيها في وصف نعيم الجنان وسعادة أهلها وصفة النيران وشقاوة أهلها، وما أشار إليه أيضا الفلاسفة والحكماء في رموزهم من وصف عالم الأرواح ومدح أهلها، وذمهم عالم الأجسام وسوء ثنائهم على أهلها، ولعلك تتصور بعقلك ما تصوروا، وتشاهد بصفاء جوهر نفسك ما شاهدوا بصفاء جوهر نفوسهم، فتنتبه نفسك من نوم الغفلة ورقدة الجهالة، وتعيش عيش السعداء العلماء، وترتقي في المعارف، وتعلو همتك نحو ملكوت السماء، وتكون في الآخرة من السعداء، وفقك الله أيها الأخ وإيانا وجميع إخواننا حيث كانوا في البلاد للرشاد، إنه رءوف رحيم بالعباد.
وإذ قد فرغنا من ذكر الأركان الأربعة التي هي دون فلك القمر وهي: النار والهواء والماء والأرض، ووصفنا ما يخص كل واحدة من الصور المقومة المبلغة له إلى أفضل حالاته، وبينا كيفية استحالات بعضها إلى بعض، وأخبرنا أن أول ما يتحلل من البخارات، ومن البخارات تنعقد العصارات، ومن العصارات تتكون الكائنات التي هي المعادن والنباتات والحيوانات، فنختم هذه الرسالة ونبدأ بعدها برسالة أخرى نذكر فيها البخارات الصاعدة في الهواء، ونصف كيفية حوادث الجو منها في رسالة أخرى، وهي الملقبة برسالة الآثار العلوية وحوادث الجو.
(تمت رسالة الكون والفساد، ويتلوها رسالة الآثار العلوية.)
الرسالة الرابعة من الجسمانيات الطبيعيات في الآثار العلوية
بسم الله الرحمن الرحيم
@QUR011 الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون
(1) فصل
اعلم أيها الأخ البار الرحيم - أيدك الله وإيانا بروح منه - أنه لما فرغنا من ذكر الأركان الأربعة، أردنا أن نذكر في هذه الرسالة الملقبة بالآثار العلوية حوادث الجو وتغييرات الهواء وكيفية حدوثها بتأثيرات الأشخاص الفلكية فيها، ولكن من أجل أن كثيرا من الناس العقلاء يظنون أن المطر ينزل من السماء من بحر هناك، وأن البرد يقع من جبال، ثم يستشهدون على صحة ظنونهم بقوله - عز وجل: @QUR05 وأنزلنا من السماء ماء طهورا، وقوله تعالى: @QUR08 وينزل من السماء من جبال فيها من برد، ولا يعرفون معاني قوله - سبحانه - ولا تفسير آيات كتابه - جل ثناؤه - احتجنا أن نذكر فيها طرفا لنزول الشكوك والشبهة.
واعلم يا أخي بأن معنى السماء في لغة العرب هو: كل ما على الرءوس، وأن المطر إنما ينزل من السحاب، والسحاب يسمى سماء لارتفاعها في الجو، ويسمى أيضا السحاب جبالا لتراكمه بعضه فوق بعض كتراكم أركان الجبال، وركود أطوادها بعضها فوق بعض، كما يرى ذلك في أيام الربيع والخريف كأنها جبال من قطن مندوف متراكم بعضه فوق بعض.
(2) فصل في ماهية الطبيعة
Page inconnue