وقيدت
بين يديه بغلة أخرى مسرجة ملجمة، وسار بين يديه الشهود والأمناء. وقرأ سجله بجامع مصر على المنبر.
وساق المسبّحي في تاريخه السِّجل بطوله، وأضيف إليه في الأحكام مصر وبرقة وصقلية والشام وقضاء الحرمين ما عدا فلسطين، فإن الحاكم كان ولاها أبا طالب ابن بنت الزيدي الحسيني، فلم يجعل لابن أبي العوام عليه أمرًا. وكان أبو طالب تَرَفَّع عن قضاء مصر، إلا أنه كان يهاب الحاكم، وجُعل لأبي العباس النظر في المعيار، ودار الضرب، والصلاة والمواريث، والمساجد والجوامع، فباشر أبو العباس ذلك، وهو يترقب القتل. وكان يمكنه أن يستتر إلا أن حب الرياسة غلب عليه.
وكان يركب أيام الجمع مع الحاكم، ويطلع إليه يوم السبت يعرفه ما جرى من أمر القضاة والشهود والأمناء بالبلاد، وما يتعلق بالحكم. ويجلس يوم الأحد والخميس بمصر، ويوم الاثنين والثلاثاء بالجامع الأزهر، ويوم الأربعاء لراحته. فكان ينقطع في دار له بالقرافة يتعبد فيها إلى المغرب، ويخلو بمن يريد من الشهود وغيرهم.
ذكر ذلك كلَّه إسماعيلُ بن علي بن إسماعيل بن موسى الحسيني في كتابه أخبار قضاة مصر. وذكر أنه خلع عليه يوم العشرين من شعبان. وقرئ سجله بالقصر وبجامع مصر. فلم يزل على وظيفة القضاء إلى أن مات لعشرين ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثماني عشرة، فكانت ولايته اثنتي عشرة سنة وسبعة أشهر.
وكان مولده بمصر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. وشهد عند محمد ابن النعمان سنة أربع وثمانين. وخلف الحسين بن النعمان على الفروض. وناب في الحكم عن الحسن بن كامل النائب عن الحسين بن النعمان. وكان من أهل الصيانة من صباه.
ولما مات صلّى عليه الظاهر ابن الحاكم وأخرج ترابًا من كُمه، فمر أن يوضع في قبره تحت خده، ذكر ذلك ابن ميسر في تاريخه.
1 / 73