وذكر إسماعيل المذكور، عن أبي حفص الأدمي الفرائضي، أن ابن أبي العوام دخل على أبي الطاهر الذهلي القاضي، هو وأبو يوسف يعقوب بن إسحاق، فقال الحكيمي الوراق - وكان من أهل العلم، وله تقدم في معرفة الشروط -: يا أبا حفص ترى هذين فإنهما لابد أن يصيرا رئيسي مصر، فما مضت الأيام والليالي، حتى ولي أبو العباس القضاء، وأبو يوسف المشيخة.
ولأبي العباس رواية عن أبيه عن جده، وروى أيضًا عن أبي بكر محمد بن جعفر بن أعين، وأبي بشر الدولابي، وأبي جعفر الطحاوي، وإبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي، ومحمد بن الحسين البخاري صاحب حريث بن أبي الورقاء، وأسامة بن أحمد بن أسامة، والقاسم بن جعفر بن محمد البصري، ومحمد بن محمد بن الأشعث، وأحمد بن علي بن شعيب المدائني وغيرهم.
وله مصنف حافل من مناقب أبي حنيفة وأصحابه. روى عنه القُضاعي الكتاب المذكور. وحدث به السِّلَفي عن الرازي عن القضاعي.
ومن الحوادث التي وقعت لابن العوام، أن حمزة اللباد الزَّوزني الملحد، الذي ادّعى أن روح الإله حلت في الحاكم، ركب في جَمْع من أصحابه، إلى أن دخلوا الجامع العتيق، معلنين بكفرهم. فتقدم منهم ثلاثة إلى مقر القاضي فناول أحدهم القاضي رقعة يأمره فيها الزوزني بالدعاء إلى مقالته. وكان الزوزني استفحل أمره، حتى كان يساير الحاكم إذا ركب ويخلو به. فقال له القاضي حتى أدخل إلى مولانا وأسمع كلامه فلم يقنع منه بالجواب وأطال معه الكلام في ذلك. فثار العامة بالرجل فقتلوه. ثم قتلوا رفيقه. وتتبعوا من كان على مقالتهم فقتلوهم في الطرقات. فبلغ ذلك الحاكم فشق عليه وأمر بتحريق مصر، فكان في ذلك ما اشتهر.
وكان ابن أبي العوام أولَ من نقل دواوين الحكم إلى الجامع. وكانت قبله تكون عند القاضي. ثم تنقل إذا مات أو عزل، إلى دار الذي يلي بعده. فاتخذ ابن أبي العوام مقرها في بيت المال بالجامع. وكان على من يكون قاضيًا إذ ذاك في شهر رمضان، أن يصعد المنبر يوم الجمعة، ويصلح مظلته ويكبر خلف الخليفة أو ولي عهده، هو إذا ذاك عبد الرحيم بن إلياس. وأقطع الحاكم هذا القاضي تلبانة، وهي ضيعة معروفة بمصر، كتب له بذلك سجلًا.
1 / 74