وذكر الخطيب في غير التاريخ بسند له محمد بن عبد الملك الزيات الوزير. قال: كان رجل من ولد عمر بن الخطاب، لا يلقى أحمد بن أبي دُوَاد إلا لعنه ودعا عليه، سواء وجده منفردًا أو في محفل، وأحمد لا يرد عليه. فاتفق أن عرضت للعمري حاجة عند المعتصم. فسألني أن أرفع قصته فخشيت أن يعارضني أحمد. فامتنعت فألحّ علي، فأخذت قصته ودخلت إلى المعتصم، فلم أجد أحمد. فاغتنمت غيبته ودفعت له قصة الرجل، فدخل أحمد وهي في يده فناولها له. فلما رأى اسمه، وفيه أنه من ذرية عمر بن الخطاب، قال: يا أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب، يا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب! تُقضى لولده كل حاجة، فوقّع بقضاء حاجته. وأخذت القصة فدفعتها للرجل. وقلت له: اشكر القاضي فهو الذي اعتنى بك حتى قضيت حاجتك. فجلس الرجل حتى خرج أحمد فقام إليه فجعل يدعو له ويشكره. فالتفت إليه أحمد، فقال: اذهب عافاك الله، فإني إنما فعلك ذلك لعُمر لا لك.
وقال أبو الفرج الأصبهاني في ترجمته أبي تمام الشاعر: أخبرنا أبو الحسن الأسدي، حدثنا الحسن بن عليل العنزي حدثني إسحاق بن يحيى الكاتب قال: قال الواثق لأحمد بن أبي دُوَاد: بلغني أنك أعطيت أبا تمام في قصيدة مدحك بها ألف دينار، فذكر ما تقدم.
قرأت في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، في ترجمة أبي دلف القاسم ابن عيسى العجلي، الأمير المشهور ما نصه: قال أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر: كان أبو دلف القاسم بن عيسى، في جملة من كان مع الأفشَين حيدر بن كاوس لما خرج لمحاربة بَابَك، ثم تنكر له، فوجه يومًا بمن جاء به ليقتله وبلغ المعتصم الخبر، فبعث إليه بأحمد بن أبي دُوَاد وقال له: أدركه وما أراك تلحقه واحتل في خلاصه منه كيف شئت. قال أحمد فمضيت ركضًا حتى وافيته فإذا أبو دلف واقف بين يديه، وقد أخذ بيديه غلامان تركيان. فرميت بنفسي على
الأرض، وكنت إذا جئته دعا لي بمصلَّى. فقال سبحان الله ما حملك على هذا؟ قلت: أنت أجلستني هذا المجلس. ثم كلمته في القاسم وخضعت له. فجعل لا يزداد إلى غلظة. فلما رأيت ذلك قلت: هذا عبد، وقد أغرقتُ في الرفق به، وليس ينفع إلا أخذه بالرهبة والشدة. فقمت وقلت: كم تراك قَدَّرت في نفسك أن تقتل أولياء أمير المؤمنين واحد بعد واحد، وتخالف أمره في قائد بعد قائد، قد
1 / 49