وعن أبي مالك حَرِيز بن أحمد بن أبي دُوَاد قال: كان أبي إذا صلى رفع يديه وقال:
ما أنت بالسَّببِ الضَّعِيفِ وإنما ... نُجْحُ الأمور بقوة الأَسْبَاب
فاليومَ حاجتُنا إليك وإنما ... يُدْعَى الطبيبُ لسَاعَةِ الأوْصَابِ
وقال أبو العيناء: كان أحمد في غاية التأدب، ما خرجتُ من عنده يومًا فقال يا غلام خذ بيده، بل كان يقول: أخرج معه. فكنت أفتقد هذا الكلام فما أخلَّ به قط. وما كنت أسمعه من غيره.
وقال محمد بن عمر الرومي: ما رأيت أحضر حجة من أحمد بن أبي دُوَاد. قال له الواثق يومًا: يا أبا عبد الله، رُفعت إلي رقعة فيك، فيها أنك وليت القضاء رجلًا أعمى، قال: نعم يا أمير المؤمنين، هذا رجل من أهل الفضل. ولّيته ثم بلغني أنه أصيب ببصره، فأردت أن أصرفه. فبلغني أن عمي من كثرة بكائه على أمير المؤمنين المعتصم. فحفظت له ذلك، وأمرته أن يَستخلف.
قال: وفيها أنك أجزتَ شاعرًا مدحك بألف دينار، قال نعم: لكن أجزته بدونها، وهذا شاعر طائي محسن يعني أبا تمام. لو لم أحفظ إلا قولَه لأمير المؤمنين المعتصم يحرضه على استخلافك في قصيدة مدحه بها:
واشدد بهارون الخلافة إنه ... سَكَنٌ لوحشتها ودار قرارِ
فلقد علمت بأن ذلك مِعصمٌ ... ما كنتَ تتركه بغير سِوارِ
فطرب وأمر لأبي تمام بجائزة.
وقال له الواثق يومًا آخر. يا أحمد، قد اختلت بيوت المال بطلباتك للائذين بك، فقال: إن نتائج شكرها متصلة بك. وذخائر أجرها مكتوبةٌ لك فقال لا منعتك بعدها.
1 / 48