وكأن السماء قد أيقظت ضمائر اليونانيين، وبرهنت لهم على أنهم ما لم يخض معهم المعركة أخيل فلا نصر لهم ولا غلبة، ولا محيص من هذه الهزائم المتتالية، والجروح التي لما تكن قصاصا لولا أن أدركهم نبتيون!
عرف اليونانيون هذا؛ وآمنوا بعد هذا الفزع الأكبر أن لو كان أخيل بينهم يوم هذه الكريهة لما حفلوا بمارس وأتباعه، ولأظفرتهم آلهتهم بأعدائهم، ومارس وملئه، وأبوللو وجنوده جميعا.
وانطلق نسطور فعرض على أجاممنون مصالحة أخيل وإرضاءه، وبعد لأي رضي القائد العام أن ينطلق نسطور
3
وأوليسيز وأجاكس وفونيكس إلى معسكر أخيل، مندوبين عن القائد ليعرضوا عليه صلحا شريفا، وموثقا كريما يرضاه الطرفان؛ ولكن أخيل يثور لكرامته ويأبى إلا ... بريسيز ... ثم لا يشترك في حرب ضد الطرواديين.
ويلح أوليسيز على صديقه القديم ... ولكن صديقه القديم ما يزداد إلا شماسا وما يزداد إلا أنفة.
ويكون فونيكس قد نالت منه حجج أخيل، ويكون قد خلبه بيانه، وبهره حسن منطقه، وطلاقة لسانه، وعظيم شجاعته، فيؤثر البقاء معه مخاصما الهيلانيين جميعا حتى يرضى أخيل، فيتركه أوليسيز وصاحباه، ويعودون إلى أجاممنون ... بخفي أخيل! •••
وهكذا تتم كل هذه الأحداث الجسام.
وزيوس يغط في نومه الهادئ الناعم يوما بأكمله، حتى يبطل السحر، وتذهب الرقية، فيهب الإله الأكبر من سباته حيران أسفا؛ لأنه ينظر من ذروة جبل إيدا، فيرى إلى نبتيون الجبار يصول في ساحة طروادة ويجول، ويصرع الأبطال، ويجندل الأقران، ويرى إلى مارس العتيد وجنوده الأقوياء، يفرون من وجه سيد البحار، لا يلوون على شيء.
ويرى أيضا إلى أخيل لا يزال منفردا في فسطاطه، قريبا من سفائنه، والحزن يمضه، ويوهي جلده، فيحزن الإله الأكبر، وينفذ إيريس إلى نبتيون ليزجره، ويأمره أن يغادر المعمعان في الحال، وإلا أرسل عليه سيد الأولمب صواعقه، وهناك لا يكون له حول ولا تكون له قوة.
Page inconnue