بشأنهم فَيسمع ذَلِك مِنْهُم الْمُلُوك وَمن يتَصَرَّف بالنيابة عَنْهُم من أعوانهم فيصدقونه ويذعنون لقَوْله إِذْ هُوَ مجانس لَهُم فِي كَونه جَاهِلا وَإِن كَانَ يعرف مسَائِل قلد فِيهَا غَيره لَا يدْرِي أهوَ حق أم بَاطِل لَا سِيمَا إِذا كَانَ قَاضِيا أَو مفتيا فَإِن الْعَاميّ لَا ينظر إِلَى أهل الْعلم بِعَين مُمَيزَة بَين من هُوَ عَالم على الْحَقِيقَة وَمن هُوَ جَاهِل وَبَين من هُوَ مقصر وَمن هُوَ كَامِل لِأَنَّهُ لَا يعرف الْفضل لأهل الفضيل إِلَّا أَهله وَأما الْجَاهِل فَإِنَّهُ يسْتَدلّ على الْعلم بالمناصب والقرب من الْمُلُوك واجتماع المدرسين من المقلدين وتحرير الْفَتَاوَى للمتخاصمين وَهَذِه الْأُمُور إِنَّمَا يقوم بهَا رُؤُوس هَؤُلَاءِ المقلدة فِي الْغَالِب كَمَا يعلم ذَلِك كل عَالم بأحوال النَّاس فِي قديم الزَّمن وَحَدِيثه وَهَذَا يعرفهُ الْإِنْسَان بِالْمُشَاهَدَةِ لأهل عصره وبمطالعة كتب التَّارِيخ الحاكية لما كَانَ عَلَيْهِ من قبله وَأما الْعلمَاء الْمُحَقِّقُونَ المجتهدون فالغالب على أَكْثَرهم الخمول لِأَنَّهُ لما كثر التَّفَاوُت بَينهم وَبَين أهل الْجَهْل كَانُوا متقاعدين لَا يرغب هَذَا فِي هَذَا وَلَا هَذَا فِي هَذَا ومنزلة الْفَقِيه من السَّفِيه كمنزلة السَّفِيه من الْفَقِيه فَهَذَا زاهد فِي حق هَذَا وَهَذَا أزهد مِنْهُ فِيهِ وَمِمَّا يَدْعُو الْعلمَاء إِلَى مهاجرة أكَابِر الْعلمَاء ومقاطعتهم إِنَّهُم يجدونهم غير راغبين فِي علم التَّقْلِيد الَّذِي هُوَ رَأس مَال فقهائهم وعلمائهم والمفتين مِنْهُم بل يجدونهم مشتغلين بعلوم الِاجْتِهَاد وَهِي عِنْد هَؤُلَاءِ المقلدة
1 / 47