لَيست من الْعُلُوم النافعة بل الْعُلُوم النافعة عِنْدهم هِيَ الَّتِي يتعجلون نَفعهَا بِقَبض جرايات التدريس وَأُجْرَة الْفَتَاوَى ومقررات الْقَضَاء وَمَعَ هَذَا فَمن كَانَ من هَؤُلَاءِ المقلدة مُتَمَكنًا من تدريسهم فِي علم التَّقْلِيد إِذا درسهم فِي مَسْجِد من الْمَسَاجِد أَو فِي مدرسة من الْمدَارِس اجْتمع عَلَيْهِ مِنْهُم جمع جم يُقَارب الْمِائَة أَو يجاوزها من قوم قد ترشحوا للْقَضَاء والفتيا وطمعوا فِي نيل الرياسة الدُّنْيَوِيَّة أَو أَرَادوا حفظ مَا قد ناله سلفهم من الرياسة وَبَقَاء مناصبهم والمحافظة على التَّمَسُّك بهَا كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أسلافهم فهم لهَذَا الْمَقْصد يلبسُونَ الثِّيَاب الرفيعة ويديرون على رُؤْسهمْ عمائم كالروابي فَإِذا نظر الْعَاميّ أَو السُّلْطَان أَو بعض أعوانه إِلَى تِلْكَ الْحلقَة البهيمية الْمُشْتَملَة على الْعدَد الْكثير والملبوس الشهير والدفاتر الضخمة لم يبْق عِنْده شكّ أَن شيخ تِلْكَ الْحلقَة ومدرسها أعلم النَّاس فَيقبل قَوْله فِي كل أَمر يتَعَلَّق بِالدّينِ ويؤهله لكل مشكلة ويرجو مِنْهُ من الْقيام بالشريعة مَا لَا يرجوه من الْعَالم على الْحَقِيقَة المبرز فِي علم الْكتاب وَالسّنة وَسَائِر الْعُلُوم الَّتِي يتَوَقَّف فهم المعلمين عَلَيْهَا وَلَا سِيمَا غَالب المبرزين من الْعلمَاء وَتَحْت ذيول الخمول إِذا درسوا فِي علم بَين عُلُوم الِاجْتِهَاد فَلَا يجْتَمع عَلَيْهِم فِي الْغَالِب إِلَّا الرجل وَالرجلَانِ وَالثَّلَاثَة لِأَن الْبَالِغين من الطّلبَة إِلَى هَذِه الرُّتْبَة المستعدين لعلم الِاجْتِهَاد هم أقل
1 / 48