ومضت برهة قبل أن يقول أبو بكر عاتبا: «لغير هذا اللقاء قصدت إليك يا أبا العباس ... وما حسبتك بهذا الوجه تلقى شيخا مثلي علمك في سالف الأيام حرفا ... أفكنت تلقى نديمك عبد الله بن حمدون هذا اللقاء، ولو كان على صدرك من هم الدنيا مثل أحد؟»
44
وفاء أبو العباس إلى نفسه، فقال لمؤدبه الشيخ: «معذرة إليك يا أبا بكر، إنك لتعرف مكانك مني وحقك علي، ولكن أمرا ذا بال ...»
45
قال الشيخ وقد تهيأ للقيام: «فسأدعك لذي بالك يسارك وتساره
46
دون جلسائك.»
قال أبو العباس: «لا سر عليك يا عم، وإنما يعنيني ما لعلك قد علمت من أمر صاحب مصر، وما يكيد به للدولة، وإن الموفق مع ذلك ليصانعه ويتعبد له.»
47
قال الشيخ: «الموفق! إنه أبوك يا أبا العباس وصاحب أمرك، وإن إليه سياسة هذه الدولة، فدعه وما يملك من أسباب هذه السياسة، ولا عليك من أمر صاحب مصر، ولا من أمر غيره حتى يظهر لك وجه التدبير ...»
Page inconnue