============================================================
القانون الأول، وأصلها تقدم كما مر، فكان الصحابة وضي الله عنهم يسمعون العلم، ويحفظونه في صدورهم، لكمال دواعيهم وقوة نورهم، غير آن منهم من كسان يكتب ما يسمع زيادة في التوثق، على ما سنذكر حكمه في الباب الثالث إن شاء الله.
ولم يشتغلوا بوضع الفتون وتفصيلها بالتراجم وتصنيفها، حتى كان ابن عباس يكتب عنه أصحابه أشياء في التفسير، ثم ألف الناس في التفسير وفي الحديث، وفي النحو وني الفقه، وفي القصص والتاريخ، إلى آن كانت الدولة المأمونية، فادخلت العلوم الفلسفية في الملة، وألفوا فيها وفي علم الكلام، ثم استنبطت أصول الفقه وألفوا فيها، ثم في علم الخلاف وعلم الجدل، وألفوا في علم التصوف، وسائر العلوم وهلم جرا.
الفصل الثامن: في حكم نشر العلم بشيء من الطرق المذكورة اعلم أنه قد مر فضل نشر العلم، وذلك موذن بكونه مطلوبا شرعا على الجملة، ثم هل وجويا أو ندبا، وعلى الأول هل عينا أم كفاية؟
فنقول إن نشر العلم من جملة المصالح الإسلامية العامة، كجهاد العدو، وتجهيز الموتى، وذلك كله واجب على الكفاية، فنشر العلم فرض على الكفاية، فمن ظن أن غيره قام به سقط عنه الفرض، وبفي حكمه على الندب، لأنه فعل خير، ومن لم يظنه ضائعا سقط عنه، وهذا على المذهبين في فرض الكفاية، وأن المخاطب به الجميع أو البعض، ولا شك أن نصوص الكتاب والسنة مفصحة بالوجوب في الجملة، قسال تعالى: واذ أخذ اللهآ ويثاق الذين أوتوا الكتاب لتبينئه للناس ولا تكتمونه"1 قيل هي في اليهود، أخذ عليهم العهد في أمر محمد أن يبينوه ولا يكتموه، وتفيد المراد بطريق التعريض، وقيل هي عامة في كل من علمه الله تعالى علما، ولا إشكال.
- آل عمران: 187.
Page 347