٣٦ "كندة" سبق الكلام عن كندة ونصرانية أهلها في أثناء كلامنا عن النصرانية في الحجاز ونجد، وقد روى ابن هشام عن ابن إسحاق في سيرة الرسول ثباتهم على دينهم بعد ظهور نبي المسلمين قال (ص٢٨٢): "أت (النبي) كندة في منزلهم وفيهم سيد لهم يقال له مليح فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه فأبوا عليه" ومن رجال كندة عبد المسيح عاقب نجران في أول الإسلام والعاقب عندهم دون السيد، ومنهم أيضًا حجية بن المضرب الشاعر الذي أدرك الإسلام ومات على نصرانيته كما روى في الأغاني (٢١: ١٦): ٣٧ "لخم" أحد أحياء اليمن الكبرى الشهيرة بنصرانيتها، قال صاحب السيرة الحلبية (٣: ٩٥): "ومن القبائل المتنصرة بكر ولخم وجذام".
وكذلك اليعقوبي (١: ٢٩٨) جعل لخمًا القبائل النصرانية في اليمن، ومثلهما السيوطي في المزهر (١: ١٠٥) وبقيت لخم على دينها زمنًا بعد الإسلام فتراها محاربة لجيوش المسلمين مع جذام وعاملة وغسان (اطلب فتوح لبلدان للبلاذري ص٥٩ وتاريخ الطبري ج١ ص٢٠٨١) ومن لخم كان بنو عدي بن الذميل النصارى الأشراف الذي ذكر ابن دريد في الاشتقاق (ص٢٦٦) بيعتهم في الحيرة.
ومن اللخميين بنو صالح الذين اختارهم بوستنيان ملك الروم لحاسة دير طور سينا كما ذكر ابن بطريق في تاريخه (راجع طبعتنا ص٢٠٤) وذكر كتبة العرب عدة أدرة وبيعًا وبناها للخميون كدير علقمة ودير حنظلة اللخمي وبيعة عدي بن الدميك (لعلها الذميل) (ياقوت ١: ٧٩٦) .
٣٨ "مازن" بطن من الأزد كانوا في العراق يدينون بالنصرانية.
وقد ذكر لهم البلاذري في فتوحاته (ص٢٨١) بيعة فقال: "ربيعة بني مازن بالحرة لقوم من الأزد من بني عمرو بن مازن وهم من غسان".
٣٩ "مذحج" قبيلة يمينة تنتسب إلى مذحج وهو مالك بنزاد بن أدد بن كهلان ذكرها ابن واضح اليعقوبي في تاريخه (١: ٢٩٨) مع القبائل المتنصرة فقال: "تنصر من اليمن طي ومذحج الخ" وكانت مذحج تسكن في جهات الموصل (ص٩٤) ومذحج كانوا بنو الحارث بن كعب أتهل نجران المشهورون برسوخ قدمهم في الدين النصراني.
٤٠ "معدّ" أبو القبائل العدنانية، ورد ذكر نصارى نعد وأساقفة معد في تواريخ السريان كما سبق وكيرًا ما كانوا يطلقن اسم المعديين (وكذلك كانوا يدعون بني كلب النصارى بالمعديين (سرياني) ومثلهم بنو عقيل (سرياني) .
٤١ "مهرة" حي عظيم من قضاعة ونصارى مثلهم ينتسبون إلى مهرة بن حيدان وكانوا يسكنون اليمن مع الحميريين وكان أميرهم عند ظهور الإسلام الحارث بن عبد كلال وفد على نبي المسلمين كما روى الطبري (ج١ ص١٧١٧) مع ملوك حمير.
٤٢ "ناجية" هم بنو ناجية بن عقال قوم الفرزدق ينتهي نسبهم إلى تميم.
ولنا على نصرانيتهم في الجاهلية شاهد باهر في ما رواه الطبري في تاريخ سنة ٣٨ (ج١ ص٣٤٣٤ ٣٤٣٥) حيث حدث عن ابن الطفيل ما حرفه: "قال كنت في الجيش الذي بعثهم علي بن أبي طالب إلى بني ناجية فقال: فانتهينا إليهم فوجدناهم على ثلث فرق فقال أميرنا لفرقة منهم: ما أنتم قالوا: نحن قومٌ نصارى لم نر دينًا أفضل من ديننا فثبتنا عليه، فقال لهم: اعتزلوا وقال للفرقة الأخرى، ما أنت فقالوا: كنا نصارى فأسلمنا فثبتنا عل إسلامنا فقال لهم: اعتزلوا، ثم قالوا للفرقة الأخرى الثالثة: ما أنتم، قالوا: نحن قوم كنا نصارى فأسلمنا فلم نر دينًا هو أفضل من ديننا الأول فقال لهم: أسلموا، فأبوا فقال لصحابه إذا مسحت رأسي ثلاث مرات فشدوا عليهم فاقتلوا امقاتلة واسبوا الذرية فجيء الذربة إلى علي فجاء مصقلة بن هبيرة فاشتراهم بمائتي ألف فجاء بمائة ألف فلم يقبلها علي فانطلق بالدراهم وعمد إليهم مصقلة فأعتقهم ولحق معاوية فقيل لعلي: إلا تأخذ الذرية، فقال: لاشك فلم يعرض لهم".
٤٣ "النبط" سواء عد النبط من العرب أو من عنصر آخر لاشك أنهم اختلطوا بالعرب في أنحاء شتى من بادية السام وأرياف العراق وتخوم مصر.
وتدينهم بالنصرانية قديم تشهد عليه شواهد لكتبة السريان واليونان والعرب رويناها في الفصل الأول الباب الثالث، وقد صرح بذلك قزما الرحالة الهندي في القرن السادس للمسيح وغيره كثيرون، وكان لهم يطيفون بها فغي مناسكهم وإليها أشار متمم النويري يصف ناقته:
بمجدَّةٍ عنسٍ كأن سراتها ... فدنٌ تطيف به النبيط مرفَّع
1 / 62