٣٠ "عبس وذبيان" هما ابنا بغيض بن غطفان من قبائل مضر، ليس لدينا شواهد صريحة على نصرانيتها وإنما يستدل عليها ببعض الدلائل فمن ذلك تنصر قيس بن زهير بن جذيمة بن العبسي سيد بن عبس في أيام داحس والغبراء.
قال ابن الأثير في تاريخه (١: ٢٤٢ ٢٤٣) أنه تاب إلى رببه: "فتنصر وساح في الأرض حتى انتهى إلى عمان فترهب به" وكذلك الربيع بن زياد أحد أعيان بني عبس كان منادمًا لملك الحيرة النعمان بن المنذر مع سرجونبن توفيل (ويروى نوفل) كان النعمان نصرانيًا وسرجون أيضًا نصراني رومي (فلا يحتمل أن يكون الربيع بن زياد من عبدة الأصنام، وأدلمن ذلك على النصرانية في عبس ظهور رج بينهم من بني مخزوم بن عبس يدعونه خالد بن سنان ويذكرون أنه كان نبيًا، قال ابن دريد في الاشتقاق (ص١٧٠): "كر عن النبي ﷺ أنه قال (عن خالد بن سنان): ذاك نبي ضيعه قومه" قال العصامي في كتاب سمط النجوم العوليفي أنباء الأوائل والتوالي (روى أن خالد بن سنان كان في زمن كسرى أو شروان وأنه كان يدعو الناس إلى دن عيسى ومان بأرض بني عبس وأطفأ النار التي كانت تخرج من هناك وتحرق من لقيته من عابر سبيل وذكر العصامي في الكتاب عينه نبًا آخر لبني عبس اسمه حنظلة ابن صفوان (ص٦٩) قال أنه دعا قومه إلى الله تعالى وصنع المعجزات ثم قتله قومه.
أما ذبيان فشقيقة عبس ولا يبعد أنها دانت بالنصرانية وما لا ينكر أن شاعرها الكبير النابغة الذبايني كان نصرانيًا بشهادة تاج العروس (١: ٣٣٧) نقلًا عن الصفاني والأصمعي قال في بيان معاني الصليب: "والصليب العلم.. قال النابغة:
ظلَّت أقاطيعُ أنعام مؤبلة ... لدى صليبٍ على الزوراء منصوب
.. وقيل سمى النابغة العلم صليبًا لأنه كان نصرانيًا".
٣١ "عِجل" قبيلة كبيرة من بكر بن وائل وهم عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وهم أخوة بني حنيفة وكلهم نصارى مما سبق فتبعتهم عجل في دينهم، وعجل إحدى قبائل النصارى التي ظفرت بالعجم يوم ذي قار كان سيدهم حنظلة بم ثعلبة بن سيار العجلي وكان على شيبان هانئ بن بيصة النصراني (الاشتقاق لابن دريد ص٢١٦) وقد روى أبو الريحان البيروني في كتاب الآثار الباقية (ed.sachau،p.٣١٤) "أن العذارى النصرانيات من العرب صمن شكرًا الله حيث انتصرت العرب من العجم يوم ذي قار فنصروا عليهم". ثم نسب إله صوم العذارى الواقع بوم الاثنين بعد عبد الدنح ويدوم ثلثة أيام، وبقيت عجل عل نصرانيتها حتى بعد ظهور الإسلام فحاربت خالد بن الوليد وجيوش المسلمين تخت قيادة جابر بن بجير وعبد الأسود النصرانيين كما رواة الطبري (ج١ ص٢٠٣٢ ٢٠٣٣) وابن خلدون (ج٢ (تتمة) ٨٠) قال كلاهما هناك أن تعبد الأسود وجابر كانا سائرين في نصارى العرب (من عجل وتيم اللات وضبيعة) .
ولم يعدل بنو عجل عن نصانيتهم إلى أيام بني أمية والدليل على ذلك أن الطبري صرح بنصرانية سيد بني عجل أبجر بن جابر (الطبري ج١ ص٣٤٦٠) وبقي ابنه حجار على دينه كما يشهد عليه هجاء قاله فيه الشاعر عبد الله بن الزبير وكان حجار من أشراف أهل الكوفة ودونك الشعر (الأغاني ١٣: ٤٦ ٤٧):
ولكنهم النصارى سدت ومن يكن ... كذلك أهلٌ أن يسود بني عجل
ولكنهم كانوا لئامًا فسدتهم ... ومثلك من ساد اللئام بلا عقل
وكيف يعجل أن دنا الفصح واغتدت ... عليك بنو عجل ومرجلكم يغلي
وعندك قسيس النصارى وصلبها ... وغانيه صهباء مثل جنى النحل
فغاظ هذا الشاعر بني عجل لما تهددوه بالقتل لهجوه سيدهم فقال:
تهددني عجلٌ وما خلت أنني ... خلاةٌ لعجل والصليب لها بعل..
يريد إكرام بني عجل للصليب على مألوف عادة النصارى.
٣٢ "عقيل" بطن من كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من غطفان، كان يسكنون اليمامة وكان أهل اليمامة كما سبق من تباع النصرانية، وقد خصوا بالذكر عقيلًا وذكروا لهم أساقفة، ولما ظهر الإسلام انوا به مدة حتى وفاة محمد ثم ارتدوا إلى دينهم فاضطر أبو بكر الصديق إلى أن يرسل إليهم بعثة لمحاربتهم وكان قسم من بني عقيل يسكنون أيضًا في الجزيرة عند نهر خابور مع نصارى تغلب وبكر (راجع ص٩٤) .
1 / 60