398

ومن سورة الرعد

** 362 مسألة :

واللقاء ، فقال : ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ، ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر ... ) (1) إلى قوله : ( لعلكم بلقاء ربكم توقنون ).

والجواب عن ذلك : أنا قد بينا من قبل أن الاستواء : المراد به الاستيلاء والاقتدار ، وكشفنا ذلك بما يغنى عن ذكره الآن (2). وبينا أن لفظة : « ثم » وإن اقتضت الاستقبال فإنها فى هذا المكان داخلة على تسخير الشمس والقمر وتدبير الأمر ، دون الاستواء ، فكأنه قال تعالى : ثم سخر الشمس والقمر ، يدبر الأمر ، يفصل الآيات وهو مستو على العرش ؛ لأنه لا يجوز أن يصير مقتدرا عليه بعد أن لم يكن كذلك ؛ لأن هذا المعنى لا يصح فى صفات ذاته.

وقد استدل شيوخنا ، رحمهم الله ، بهذه الآيات ضد المشبهة ، لأنه بين تعالى أنه رفع السموات بغير عمد يرونها ، وذلك لا يصح فى الأجسام ، لأنه إنما يصح أن يفعل رفع الثقيل بعمد هو بعضه أو غيره ، ومتى لم يعمده بذلك لم يصح منه رفعه ، فدل على أنه تعالى قادر لذاته ، وأنه ليس بجسم.

فإن قال : لم ينف تعالى العمد ، وإنما نفى عمدا نراها ، فلا يمتنع إثبات عمد لا نراها!

Page 403