يحاضرُ الجونَ مخضرًا جحافلها ... ويسبقُ الألفَ عدوًا غيرَ مضروبِ
كم من فقيرٍ بإذنِ اللهِ قدْ جبرتْ ... وذِي غنًى بوأتهُ دارَ محروبِ
ممَّا يُقدّمُ في الهيجَا إذا كرهَتْ ... عندَ الطعانِ وينجي كلَّ مكروبِ
همتْ معدٌّ بنا همًَّا فنهنهَها ... عنا طعانٌ وضربٌ غيرُ تذبيبِ
بالمشرفيِّ ومصقولٍ أسنتُها ... صمِّ العوامل صدقاتِ الأنابيبِ
يجلو أسنتَها فتيانُ عاديةٍ ... لا مقرفينَ ولا سُودٍ جعابيبِ
سوى الثقافُ قناهم فهيَ محكمةٌ ... قليلةُ الزيغِ منْ سنٍّ وتركيبِ
زُرقًا أسنتها حمرًا مثقفةً ... أطرافهنَّ مقيلٌ لليعاسيبِ
كأنها بأكفِّ القومِ إذْ لحقوا ... مواتحُ البئرِ أوْ أشطانُ مطلوبِ
كلا الفريقينِ أعلاهم وأسفلهمْ ... يشقى بأرماحنا غيرَ التكاذيبِ
إنِّي وجدتُ بني سعدٍ يفضلُهُم ... كلُّ شهابٍ على الأعداءِ مصبُوبِ
إلى تميمٍ حماةِ الثغر نسبتهمْ ... وكلُّ ذي حسبٍ في النَّاسِ محسوبِ
قومٌ إذا صرحتْ كحلٌ بيوتهمُ ... عزُّ الذليلِ ومأوى كلِّ قرضُوبِ
ينجيهمِ منْ دواهي الشرِّ إنْ أزمَتْ ... صبرٌ عليها وقبصٌ غيرُ محسوبِ
كنَّا نحلُّ إذا هبتْ شآميَةً ... بكلِّ وادٍ حطِيبِ البطنِ مجدوبِ
شيبِ المباركِ مدروسٍ مدافعهُ ... هابي المراغِ قليلِ الودقِ موظوبِ
كنا إذا ما أتانا صارخٌ فزعٌ ... كان الصراخُ لهُ قرعَ الظنابيبِ
وشدَّ كورٍ على وجناءَ ناجيةٍ ... وشدَّ سرجٍ على جرداء سرحوبِ
يقالُ محبسُها أدنَى لمرتعِها ... وإن تعادَى ببكءٍ كلُّ محلوبِ
حتى تركنا وما تثنَى ظعائننا ... يأخذنَ بينَ سوادِ الخطِّ فاللوبِ
وقال سلامة أيضًا: الطويل
لمنْ طللٌ مثلُ الكتابِ المنمَّقِ ... خلا عهدهُ بينَ الصليبِ ومطرِقِ
أكبَّ عليهِ كاتبٌ بدواتهِ ... وحادثُهُ في العَينِ حدَّةُ مهرَقِ
لأسماءَ إذْ تهوَى وصالكَ إنَّها ... كذي جدةٍ من وحشِ وجرَةَ مرشِقِ
لهُ بقرارِ الصُّلبِ بقلٌ يلسُّهُ ... وإنْ يتطامنْ للدَّكادكِ يأْنقِ
فظَلتُ كأنَّ الكأسَ طالَ اعتيادُهَا ... عليَّ بصافٍ منْ رحيقٍ مروَّقِ
كأنَّ ذكيَّ المسكِ باللَّيلِ ريحُهُ ... يصفقُ في إبريقِ جعدٍ منطقِ
ألا هلْ أتتْ أنباؤنَا أهلَ مأربٍ ... كما قدْ أتتْ أهلَ الذنَا فالخوَرنَقِ
بمحبسنا في غيرِ دارِ تئيةٍ ... وملحقنا بالعارضِ المتألقِ
بأنَّا حَبسنا بالفَروقِ نساءَنَا ... ونحنُ قتلنَا مَنْ أتانَا بِمُلْزَقِ
تبلغُهُمِ صُهْبُ الركابِ وسودُهَا ... فريقيْ معدٍّ منْ تهامٍ ومعرقِ
إذا ما علونَا ظهرَ نشزٍ كأنَّما ... على الهَامِ منا قيضُ بيضٍ مفلقِ
منَ الحُمْسِ إذْ جاؤوا إلينا بجمعهمِ ... غداةَ رميناهمْ بجأواءَ فيلقِ
كأنَّ النعامَ باضَ فوقَ رؤوسنا ... بنهي القذافِ أو بنهي مخفقِ
ضممنَا عليهم حانِبيهمِ بصادِقٍ ... من الطعنِ حتى أزمعُوا بالتفرقِ
كأنَّ مناخًا من قيونٍ ومنزلًا ... بحيثُ التقينا مِنْ بنانٍ وأسوقِ
كأنهمُ كانوا ظماءً بصفصفٍ ... أفاءتْ عليها غبيَةٌ ذاتُ مصْدَقِ
كأنَّ اخْتِلاءَ المشرَفيِّ رؤوسهمْ ... هويُّ جنوبٍ في يبيسٍ محرقِ
لدنْ غدوةً حتى أتى الليلُ دونهمْ ... فلمْ ينجُ إلا كلُّ جرداءَ خيفقِ
ومستوعبٍ في الركضِ فضلُ عنانِهِ ... يمرَّ كمرِّ الشَّادِنِ المتطلِّقِ
فألقوا لنَا أرسانَ كلِّ نجيبَةٍ ... وسابغةٍ كانها متنُ خرنقِ
مداخلةٍ منْ نسجِ داوودَ سكهَا ... كمنكبِ ضاحٍ من عمايَة مشرقِ
فمنْ يكُ ذا ثوبٍ تنلْهُ رماحُنا ... ومنْ يكُ عريانًا يوائلْ فيسبقِ
ومن يدعو فينا يعاشُ ببئسَةٍ ... ومنْ لا يغالوا بالرغائب يعتق
وأمُّ بحيرٍ في هنابثَ بيننا ... متى تأتهَا الأنباءُ تخمشْ وتحلقِ
تركنا بحيرًا حيثُ أزحفَ جدُّهُ ... وفينا فراسٌ عانيًا غيرَ مطلقِ
ولولا سوادُ الليلِ ما آبَ عامرٌ ... إلى جعفرٍ سربالُهُ لم يُمَزَّقِ
1 / 11