بضربٍ تظلُّ الطيرُ فيه جوانحًا ... وطعنٍ كأفواهِ المزادِ المخرقِ
فعزتُنا ليستْ بشعبٍ بحرةٍ ... ولكنها بحرٌ بصحراءَ فيهقِ
تقمصُ بالبُوصيِّ منهُ غواربٌ ... متى ما يخضُهُ ماهرُ القومِ يغرقِ
ومجدُ معدٍّ كانَ فوقَ علايةٍ ... سبقنا بهِ إذ يرتقونَ ونرتقي
إذا الهندوانياتُ كنَّ عصينَا ... بها نتأيَّا كلَّ شأنٍ ومفرقِ
يخلّي مصاعٌ بالسيوف طريقنا ... إذا ما التقتْ أقدامُنَا عندَ مأزقِ
فجرتُمْ علينا أنْ طردتمْ فوارسًا ... وقولُ بحيرٍ هاجَ قولي ومنطقِ
عجلتمْ علينا حجَّتين عليكمُ ... وما يشاءِ الرحمن يعقدِ ويطلقِ
هو الكاسرُ العظمَ الأمينَ وما يشأْ ... منَ الأمرِ يجمعْ بيننا ويفرقِ
هو المدخِلُ النُّعمانَ بيتًا سماؤُهُ ... نحورُ الفيولِ بعدَ بيتٍ مسردقِ
وبعدَ مصابِ المزْنِ كانَ يسوسُهُ ... ومالَ معدٍّ بعدَ مالِ محرقِ
علقمة بن عبدة
وقال علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس بن عبيد بن ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وقرأتها على ابن الخشاب: البسيط
هلْ ما علمتَ وما استودعتَ مكتومُ ... أم حبلها إذْ نأتكَ اليومَ مصرومُ
أمْ هلْ كبيرٌ بكى لم يقضِ عبرتهُ ... إثرَ الأحبةِ يومَ البينِ مشكومُ
لمْ أدرِ بالبينِ حتى أزمعُوا ظعنًا ... كلُّ الجمالِ قبيلَ الصبحِ مزمومُ
ردَّ الإماءُ جمالَ الحيِّ فاحتملُوا ... فكلُّها بالتزيدياتِ معكومُ
عقلًا ورقمًا تظلُّ الطيرُ تخطفهُ ... كأنهُ من دمِ الأجْوافِ مدمومُ
يحملنَ أترجةً نضخُ العبيرِ بها ... كأنَّ تطيابهَا في الأنفِ مشمومُ
كأنَّ فارةَ مسكٍ في مفارقِها ... للناشِطِ المتعاطِي وهوَ مزكومُ
فالعينُ منِّي كأنْ غربٌ تحطُّ بهِ ... دهماءُ حاركُها بالقِتْبِ مخزومُ
تسقِي مذانب قدْ طارتْ عصيفتُها ... حدورها منْ أتيِّ الماءِ مطمومُ
صفرُ الوشَاحين ملءُ الدرعِ بهكنةٌ ... كأنَّها رشاءٌ في البيتِ ملزومُ
هل تلحقني بأخرى الحيِّ إذْ شحطوا ... جلذيةٌ كأتَانِ الضَّحل علكومُ
قد عُرِّيتْ زمنًا حتى استقلَّ لها ... كترٌ كحافةِ كير القينِ ملمومُ
بمثلها تقطعُ الموماةُ عن عرضٍ ... إذا تبغمَ في ظلمائِها البومُ
تلاحظ السوطَ شزرًا وهي ضامزَةٌ ... كما توجَّس طاوي الكشحِ موشومُ
كأنها خاضبٌ زعرٌ قوادمُهُ ... أجنى لهُ باللوى شريٌ وتنومُ
يظلُّ في الحنظلِ الخُطبان ينقُفُهُ ... وما استطفَّ من التنومِ مخذومُ
فوهُ كشقِّ العصا لأيًا تبينهُ ... أسكُّ ما يسمعُ الأصواتَ مصلومُ
فلا تزيدُهُ في شدِّه نفقٌ ... ولا الزفيفُ دوينَ الشدِّ مسؤومُ
وضاعةٌ لعصيِّ الشرعِ جؤجؤهُ ... كأنهُ بتناهي الروضُ علجومُ
يأوي إلى حسكلٍ حمرٍ حواصلهُ ... كأنهنَّ إذا بركنَ جرثومُ
فطافَ طوفين بالأدحيِّ يقفرهُ ... كأنهُ حاذرٌ للنخْسِ مشهومُ
يوحِي إليه بأنقاضٍ ونقنقةٍ ... كما تراطنُ في أفدانها الرومُ
صعلٌ كأنَّ جناحيْهِ وجؤجؤهُ ... بيتٌ أطافتْ به خرقاءَ مهجومُ
بلْ كلُّ قومٍ وإن عزُّوا وإنْ كثروا ... عريشهمْ بأثافي الشرِّ مرجومُ
والحمدُ لا يشترى إلاّ له ثمنٌ ... مما يضنُّ به الأقوامُ معلوم
والجودُ نافيةٌ للمالِ يهلِكُهُ ... والبخلُ مبقٍ لأهليهِ ومذمومُ
والمالُ صوفُ قرارٍ يلعبونَ بهِ ... على نقادتهِ وافٍ ومجلُومُ
ومطعمُ الغنمِ يومَ الغنم مطعمهُ ... أنَّى توجَّهَ والمحرومُ محرومُ
ومنْ تعرضَ للغربانِ يزجرُها ... على سلامتهِ لا بُدَّ مشؤومُ
وكلُّ حصنٍ وإنْ طالتْ سلامتُهُ ... على دعائمهِ لا بُدَّ مهدومُ
قد أشهدُ الشربَ فيه مزهرٌ رنمٌ ... والقومُ تصرعُهُم صهباءُ خرطومُ
كأسُ عزيزٍ من الأعنابِ عتقها ... لبعضِ أحيانها حانيةٌ حومُ
عانيةٌ قرقفٌ لمْ تطلعْ سنةً ... يجنهَا مدمجٌ بالطينِ مختومُ
وقد أروحُ إلى الحانوتِ يصحبني ... برزٌ أخو ثقةٍ بالخيرِ موسومُ
1 / 12