105

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

إِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّمْعَ الَّذِي دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى صِحَّتِهِ مِنَ السَّمْعِ الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ لَهُ عَقْلٌ، وَلِهَذَا كَانَ الْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ أَعْرَفَ عِنْدَ الْعَقْلِ مِنَ الْآحَادِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ دِلَالَةَ الْعَقْلِ قَدْ قَامَتْ عَلَى أَنَّ الْمُخْبِرِينَ لَا يَتَوَاطَئُونَ عَلَى الْكَذِبِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرُوا بِهِ مُخَالِفًا لِمَا اعْتَادَهُ الْمُخْبِرُ وَأَلِفَهُ وَعَرَفَهُ فَلَا نَجِدُ مَحِيدًا عَنْ تَصْدِيقِهِمْ، وَالدِّلَالَةُ الْعَقْلِيَّةُ الْبُرْهَانِيَّةُ عَلَى صِدْقِ الرُّسُلِ أَضْعَافُ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ الْمُخْبِرِينَ خَبَرَ التَّوَاتُرِ، فَإِنَّ أُولَئِكَ لَمْ يَقُمْ عَلَى صِدْقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَلِيلٌ، وَلَكِنَّ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِمْ، وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ قَامَتِ الْبَرَاهِينُ الْيَقِينِيَّةُ عَلَى صِدْقِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ، فَقَدِ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ وَتَوَاطَأَتْ أَخْبَارُهُمْ عَلَى إِثْبَاتِ الْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَنَّهُ مُكَلَّمٌ مُتَكَلِّمٌ آمِرٌ نَاهٍ يَرْضَى وَيَغْضَبُ، وَيُثِيبُ وَيُعَاقِبُ وَيُحِبُّ وَيُبْغِضُ، فَأَفَادَ خَبَرُهُمُ الْعِلْمَ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ أَعْظَمَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ لِمُخْبِرِهَا، وَيَجِبُ فَإِنَّ الْأَخْبَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى حِسٍّ قَدْ يَغْلَطُ، وَأَخْبَارَ الْأَنْبِيَاءِ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى وَحْيٍ لَا يَغْلَطُ، فَالْقَدْحُ فِيهَا بِالْعَقْلِ مِنْ جِنْسِ شُبَهِ السُّوفِسْطَائِيَّةِ الْقَادِحَةِ فِي الْحِسِّ وَالْعَقْلِ، وَلَوِ الْتَفَتْنَا إِلَى كُلِّ شُبْهَةٍ يُعَارَضُ بِهَا الدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ لَمْ يَبْقَ لَنَا وُثُوقٌ بِشَيْءٍ نَعْلَمُهُ بِحِسٍّ أَوْ عَقْلٍ بِهِمَا، يُوَضِّحُهُ: الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ الْمَعَانِيَّةَ الَّتِي لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِالْخَبَرِ أَضْعَافُ الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي تُدْرَكُ بِالْحِسِّ وَالْعَقْلِ، بَلْ لَا نِسْبَةَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلِهَذَا كَانَ إِدْرَاكُ السَّمْعِ أَعَمَّ وَأَشْمَلَ مِنْ إِدْرَاكِ الْبَصَرِ، فَإِنَّهُ يُدْرِكُ الْأُمُورَ الْمَعْدُومَةَ وَالْمَوْجُودَةَ وَالْحَاضِرَةَ وَالْغَائِبَةَ وَالْمَعْلُومَاتِ الَّتِي تُدْرَكُ بِالْحِسِّ، وَهَذَا حُجَّةُ مَنْ فَضَّلَ السَّمْعَ عَلَى الْبَصَرِ، وَرَجَّحَ آخَرُونَ الْبَصَرَ لِقُوَّةِ إِدْرَاكِهِ، وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يُدْرِكُهُ، وَبَعَّدَهُ مِنَ الْغَلَطِ، وَفَصْلُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا يُدْرَكُ بِالسَّمْعِ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ، وَمَا يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْأُمُورَ الْغَائِبَةَ عَنِ الْحِسِّ نِسْبَةُ الْمَحْسُوسِ إِلَيْهَا كَقَطْرَةِ بَحْرٍ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْعِلْمِ بِهَا إِلَّا الْخَبَرُ الصَّادِقُ، وَقَدِ اصْطَفَى اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَنْبِيَاءَ أَنْبَأَهُمْ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ بِمَا يَشَاءُ، وَأَطْلَعَهُمْ مِنْهَا عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٧٩]

1 / 120