104

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

تَعْجِيزًا لَهُ عَنْ أَمْرٍ قَدَرَ عَلَيْهِ أَفْرَاخُ الْفَلَاسِفَةِ وَتَلَامِذَةُ الْيَهُودِ، وَأَوْقَاحُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ غِشًّا لِأُمَّتِهِ، وَتَوْرِيطًا لَهُمْ فِي الْجَهْلِ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَاعْتِقَادِ مَا لَا يَلِيقُ بِعَظْمَتِهِ فِيهِ ; وَأَنَّ الْجَهْمِيَّةَ وَأَفْرَاخَ الصَّابِئَةِ وَالْيُونَانَ نَزَّهُوا اللَّهَ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَتَكَلَّمُوا بِالْحَقِّ الَّذِي كَتَمَهُ الرَّسُولُ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا مَحِيدَ لَكُمْ عَنْهُ، فَاخْتَارُوا أَيَّ قِسْمٍ شِئْتُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّكُمْ مُتَنَازِعُونَ فِي الِاخْتِيَارِ، وَأَنَّ عُقَلَاءَكُمْ يَخْتَارُونَ أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ كَانَ يَعْرِفُ الْحَقَّ فِي خِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ وَلَكِنْ تَرَكَ ذَلِكَ خَشْيَةَ التَّنْفِيرِ، فَخَاطَبَ النَّاسَ خِطَابًا جُمْهُورِيًّا بِمَا يُنَاسِبُ عُقُولَهُمْ بِمَا الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ، وَهَذَا أَحْسَنُ أَقْوَالِكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ بِالرَّسُولِ وَأَقْرَرْتُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ. السَّادِسَ عَشَرَ: أَنَّ طُرُقَ الْعِلْمِ ثَلَاثَةٌ: الْحِسُّ، وَالْعَقْلُ، وَالْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا، فَالْمَعْلُومَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ، وَالثَّانِي: مَا يُعْلَمُ بِالسَّمْعِ، وَالثَّالِثُ: مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ، وَكُلٌّ مِنْهَا يَنْقَسِمُ إِلَى ضَرُورِيٍّ وَنَظَرِيٍّ، وَإِلَى مَعْلُومٍ وَمَظْنُونٍ وَمَوْهُومٍ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْعَقْلُ يَكُونُ عِلْمًا، بَلْ قَدْ يَكُونُ ظَنًّا أَوْ وَهْمًا كَاذِبًا، كَمَا أَنَّ مَا يُدْرِكُهُ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ كَذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَاكِمٍ يَفْصِلُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ، فَإِذَا اتَّفَقَ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ أَوِ الْعَقْلُ وَالْحِسُّ عَلَى قَضِيَّةٍ كَانَتْ مَعْلُومَةً يَقِينِيَّةً، وَإِذَا انْفَرَدَ بِهَا الْحِسُّ عَنِ الْعَقْلِ كَانَتْ وَهْمِيَّةً، كَمَا ذُكِرَ مِنْ أَغْلَاطِ الْحِسِّ فِي رُؤْيَةِ الْمُتَحَرِّكِ أَشَدَّ الْحَرَكَةِ وَأَسْرَعَهَا سَاكِنًا، وَالسَّاكِنِ مُتَحَرِّكًا، وَالْوَاحِدِ اثْنَيْنِ وَالِاثْنَيْنِ وَاحِدًا، وَالْعَظِيمِ الْجِرْمِ صَغِيرًا وَالصَّغِيرِ كَبِيرًا، وَالنُّقْطَةِ دَائِرَةً، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ يُجْزَمُ بِغَلَطِهَا لِتَفَرُّدِ الْحِسِّ بِهَا عَنِ الْعَقْلِ. وَكَذَلِكَ حُكْمُ السَّمْعِ قَدْ يَكُونُ كَاذِبًا، وَقَدْ يَكُونُ صَادِقًا، ضَرُورَةً وَنَظَرًا، وَقَدْ يَكُونُ ظَنِّيًّا، فَإِذَا قَارَنَهُ الْعَقْلُ كَانَ حُكْمُهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا وَنَظَرِيًّا، كَالْعِلْمِ بِمُخْبِرِ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَإِنَّهُ حَصَلَ بِوَاسِطَةِ السَّمْعِ وَالْعَقْلِ، فَإِنَّ السَّمْعَ أَدَّى إِلَى الْعَقْلِ مَا سَمِعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَالْعَقْلَ حَكَمَ بِأَنَّ الْمُخْبِرِينَ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَأَفَادَهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَوْ نَظَرِيًّا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ بِوُجُودِ الْمُخْبِرِ بِهِ، وَالنِّزَاعُ فِي كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا أَوْ نَظَرِيًّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْوَهْمُ يُدْرِكُ أُمُورًا، لَا يُدْرَى صَحِيحَةٌ هِيَ أَمْ بَاطِلَةٌ فَيَرُدُّهَا إِلَى الْعَقْلِ الصَّرِيحِ، فَمَا صَحَّحَهُ مِنْهَا قَبِلَهُ وَمَا حَكَمَ بِبُطْلَانِهِ رَدَّهُ، فَهَذَا أَصْلٌ يَجِبُ الِاعْتِبَارُ بِهِ وَبِهِ يُعْرَفُ الصَّحِيحُ مِنَ الْفَاسِدِ.

1 / 119