106

Les éclairs envoyés sur les Jahmites et ceux qui nient les attributs divins

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Chercheur

سيد إبراهيم

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا - إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾ [الجن: ٢٦ - ٢٧] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [الحج: ٧٥] فَهُوَ سُبْحَانُهُ يَصْطَفِي مَنْ يُطْلِعُهُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَ (نَبِيًّا) مِنَ الْإِنْبَاءِ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ، لِأَنَّهُ مُخْبَرٌ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ وَمُخْبِرٌ عَنْهُ فَهُوَ مُنَبَّأٌ، وَمُنْبِئٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِدُونِ خَبَرِهِمْ بَلْ وَلَا أَكْثَرُهُ، وَلِهَذَا كَانَ أَكْمَلُ الْأُمَمِ عِلْمًا أَتْبَاعَ الرُّسُلِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ أَحْذَقَ مِنْهُمْ فِي عِلْمِ النُّجُومِ وَالْهَنْدَسَةِ، وَعِلْمِ الْكَمِّ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ، وَعِلْمِ النَّبْضِ وَالْقَارُورَةِ وَالْأَبْوَالِ وَمَعْرِفَةِ قِوَامِهَا، وَنَحْوِهَا مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي لَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بِهَا وَآثَرُوهَا عَلَى عُلُومِ الرُّسُلِ، وَهِيَ كَمَا قَالَ الْوَاقِفُ عَلَى نِهَايَتِهَا: " ظُنُونٌ كَاذِبَةٌ، وَإِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ "، وَهِيَ عُلُومٌ غَيْرُ نَافِعَةٍ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَإِنْ نَفَعَتْ فَنَفْعُهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ كَنَفْعِ الْعَيْشِ الْعَاجِلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآخِرَةِ وَدَوَامِهَا. فَلَيْسَ الْعِلْمُ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ ﷿ طَلَبًا وَخَبَرًا، فَهُوَ الْعِلْمُ الْمُزَكِّي لِلنُّفُوسِ الْمُكَمِّلِ لِلْفِطَرِ الْمُصَحِّحُ لِلْعُقُولِ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِاسْمِ الْعِلْمِ، وَسَمَّى مَا عَارَضَهُ ظَنًّا لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَخَرْصًا وَكَذِبًا، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ٦١] وَشَهِدَ لِأَهْلِهِ أَنَّهُمْ أُولُو الْعِلْمِ فَقَالَ ﷾: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ﴾ [الروم: ٥٦] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: ١٨] وَالْمُرَادُ بِهِمْ أُولُو الْعِلْمِ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رُسُلِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمْ أُولِي الْعِلْمِ بِالْمَنْطِقِ وَالْفَلْسَفَةِ وَفُرُوعِهَا، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: ١١٤] فَالْعِلْمُ الَّذِي أَمَرَهُ بِاسْتِزَادَتِهِ هُوَ عِلْمُ الْوَحْيِ لَا عِلْمُ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ [النساء: ١٦٦] أَيْ أَنْزَلَهُ وَفِيهِ عِلْمُهُ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ الْبَشَرُ، فَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ، مِثْلَ قَوْلِهِ:

1 / 121