أقول إن لتقدمة معرفة الأخبار السارة التي تدل عليها صناعة أحكام النجوم في النفس فعلا عجيبا لأنه يظهر محمود أفاعيلها كما يظهره سماع الغناء وضرب الأوتار من مغن حاذق بالنغم عالم بتأليف الأوتار واستعمالها لأن النفس كما تسر وترتاح وتفرح بأصوات الأوتار المؤلفة على الاستواء ئذا إذا سمعتها ويغير طبعها حتى يزيد ذلك في الشجاعة والسخاء وحسن الخلق فكذلك تقدمة المعرفة من صناعة النجوم بالأخبار السارة التي يتوقعها الإنسان كالولاية والظفر بالأعداء وقنية المال وكون الولد قد يحدث فيه من السرور أكثر مما يحدث فيه من سماع الغناء ونقر الأوتار وكما أن تكرير صوت الأوتاريزيد في سرور الإنسان فكذلك تكرير سماعه للأخبار السارة التي يتوقعها وفكرته فيها يزيد في سروره وكما أن الإنسان إذا سر ببعض الأصوات يشتهي أن يسمعه مرارا كثيرة فكذلك يشتهي أن يسمع الأخبار السارة في كل وقت وكما أنه يشتهي أن يسمع في كل وقت أغانيا مختلفة بعضها أحسن من بعض فكذلك يشتهي أن يسمع في كل وقت أخبارا مختلفة سارة مما يستقبل يكون سروره بها أكثر من سروره بالذي سمعه قبل ذلك إلا أن لتقدمة معرفة الأخبار السارة التي تكون في الزمان المستقبل من دلالة النجوم فضيلة ليست في الموسيقي أعني الغناء وذلك أن أصوات الأوتار المؤلفة على الاستواء ئنما إنما يسر بها السامع ما دام يسمعها فإذا سكن الموسيقي أعني المغني انقطع ذلك السرور مع سكونه وتركه ضرب الوتر والخبر السار الذي يخبر به المنجم عن تقدمة معرفة صناعة النجوم فإن صاحبه يسر به من حين يسمعه إلى أن يأتيه ذلك السرور فلذلك يرغب الناس كلهم في تقدمة معرفة الأخبار السارة من صناعة النجوم
وأيضا فإن من منفعة الناس بتقدمة المعرفة من علم النجوم بالأشياء أن يسأل السائل المنجم الحاذق بالصناعة من حال إنسان غائب أو هارب فيخبره بحاله فيستريح إلى ذلك أو يسأله عن مفقود قد فقد منذ زمان ويخبر أهله بذلك فلا يدرون أحي هو أو ميت فيخبرهم بما يرى من حاله فيعملون على حسب ذلك أو يسأل عن مسافر أو آبق لا يدري أي ناحية توجه فيخبرهم بناحيته فيطلبونه هناك أو يسأل عن إنسان هل هو له على المودة أو على العداوة فيخبره بما يرى فيعامله على حسب ذلك ومما ينتفع به في تقدمة المعرفة من علم النجوم أنه إذا ولد للإنسان مولود فإن علم أنه لا يتربى لم يزوجه في صغره وإن لم يتقدم معرفته في ذلك فإنه ربما زوجه ويموت المولود قبل بلوغ التربية فيقعون في تخليط
Page 172