فهذه القياسات التي ذكرنا تدل على أن تقدمة معرفة العلم بالأشياء من صناعة أحكام النجوم نافعة في جميع الأشياء وأقول أيضا إن تقدمة المعرفة بالأشياء المكروهة نافعة جدا لأنه إذا ورد على الإنسان الشر بغتة اشتد جزعه وأدهشه واختلس عقله ولم تمكنه الحيلة فيه وربما هاج عليه من شدة الجزع عند حلول ذلك المكروه به مكروه آخر وربما كان تركه التحرز من ذلك المكروه تكسبه الزيادة في المكروه وربما مات فجأة من شدة الغم فإذا تقدم علمه بذلك المكروه قبل حلوله ورد عليه وقد يرد جلده وفطن نفسه عليه وعرف سببه وقدم ما احتاج إلى تقديمه من التدبير بسببه وعمل في دفع ما يمكنه في ذلك عن نفسه فكان أكسر وأقل لذلك الشر فالمنجم الحاذق بتقدمة علمه بالمكروه وإن لم يمكن دفع ذلك المكروه كله فقد احتال بتقدمة العلم به لدفع ما أمكن من ذلك المكروه والكواكب كما دلت على المكاره التي ذكرناها فإنها دلت على التحرز والمنفعة بسببه أيضا وإن المنجم بتقدمة علمه وإخباره للإنسان بوقوع المكروه به هو سبب التحرز له
Page 164