وأما الثانية فهي المكروه الذي إذا تقدمت معرفة الإنسان به يقدر أن يدفعه عن نفسه بكنهه وإنما يعرف ذلك من مولود الإنسان أو من تحو يل سنيه أو من مسئلة عن حاله وهو كالمرض أو ظفر بعض الأعداء به أو الأخبار المكروهة أو سائر أنواع الشر والمكروه فتقدمة المعرفة به نافعة جدا كما تقدم قولنا فيها لأنه إذا رأى المنجم بتقدمة علمه أنه يهيج ببعض الناس علة من العلل في وقت معلوم من السنة أو من اليوم يمكن دفع مثله بالعلاج أخبره المنجم بذلك فتقدم ذلك الإنسان في العلاج والأدوية بإخراج تلك العلة عن بدنه أو تسكينها فلا تهيج به تلك العلة في ذلك الوقت فقد دفع المنجم عن ذلك الإنسان مكروه تلك العلة بكنهه بإخباره إ ياه أو مثل عدو يخافه الإنسان فيرى بتقدمة معرفته من الصناعة النجومية أنه يريد الهجوم عليه فيتقدم في التحرز قبل هجومه فإذا هجم عليه لم يتأذ به ودفع عنه مكروهه بكنهه
وأما الثالثة من المكروه الذي إذا تقدمت معرفته به قدر أن يدفع عن نفسه بتقدمة العلم به بعضه فهو كالإنسان الذي يخاف بتقدمة علمه النجومي أنه يهيج به علة من علل في بعض الأوقات فيتقدم في العلاج قبل ذلك الوقت فيدفع عن نفسه عند هيجانه أكثر تلك العلة بتقدمة العلاج له وكالإنسان الذي قد علم بتقدمة علمه بالنجوم أن إنسانا ظاهر العداوة له فيتحرز منه بعض التحرز فيدفع بذلك التحرز القليل عن نفسه بعض أذى العدو
وأما الرابعة من المكروه الذي يعلم بتقدمة علمه أنه يكون ثم يزول عنه بعد وقت معلوم فهو كالإنسان الذي يعلم بتقدمة علمه النجومي أنه يمرض أياما معلومة ثم يبرأ أو كالعدو الذي يعلم أنه يظفر به أياما ثم يسلم منه أو كالحبس الذي يصيبه أياما ثم ينجو منه
Page 160