الصنف التاسع وأما الصنف التاسع وهم العامة فهم في رد علم الأحكام على صنفين أما أحد الصنفين فإنهم لا يعرفون فضيلة علم الأحكام ولا فضيلة سائر العلوم ولا فضيلة تقدمة المعرفة بالأشياء وأفضل الناس عندهم من كان أكثرهم مالا ويكون حظ المال عندهم أكثر من حظ العلم ويقولون إن الإنسان إذا كان غنيا ذا مال فإنه لا يضره إن يكون جاهلا بعلم النجوم والطب وبسائر العلوم فقاسوا قياسا فاسدا لأنهم قاسوا العلم بالمال وهذا قياس خطاء لأن الشيء ئنما إنما يقاس بجنسه كالعلم بالعلم والمال بالمال ولا يقاس الشيء ئلى إلى غير جنسه ولا يقاس إذا المال بالعلم ولولا أن هذا شيء يسمعه من العامة كثيرا يغيرون به أصحاب العلوم لكان ينبغي لنا أن لا نشغل أنفسنا بالفكرة في قولهم إلا أنا قد تلطفنا في رد قولهم بأن قلنا إن المال والجدة قد يتهيأ للجاهل وللعاقل وللقوي وللضعيف وليس الإنسان بمحمود على ما تهيأ له من ذلك لأن هذا لم يتهيأ له بعلمه ولا بجهله ولا بقوته ولا بضعفه وإنما يحمد الإنسان على التمييز والعلم لأن فضل الإنسان على سائر الحيوان إنما هو بالتمييز الذي فيه بآلة العقل ومعرفته بالأشياء التي كانت والتي تكون فكلما ازداد الإنسان معرفة بما ذكرنا ازداد من البهيمة تباعدا بما فيه من المعرفة وتقدمة العلم بالأشياء الكائنة وكلما قلت معرفته ازداد من البهيمة قربا بما فيه من قلة التمييز ولولا فضيلة العلم والتمييز لما كان للإنسان فضل على البهائم لأنها كلها تشترك في الأكل والشرب والتناسل فإنما فضل الإنسان على سائر الحيوان بالعقل والتمييز فمن كان من الناس أوفر عقلا وأكثر علما فهو أفضل في الإنسانية من غيره فحظ العلم والتمييز في معنى الإنسانية أفضل من حظ المال وأفضل ما في الإنسان معرفته بالأشياء الكائنة وأكثر ما يكون هذا في علم صناعة أحكام النجوم فحظ علم النجوم وسائر العلوم في معنى الإنسانية أفضل من حظ المال
Page 144