محض الحق هادية، وإلى رفض الهوى والبدع (١) داعية، ثم (٢) من علت همته يتتبع (٣) ما لأهل الحق من الدلائل، وما للخصوم من الشبه في المسائل - مع أني أشير في كل مسألة إلى دلائل يعتمد عليها، وعند التحقيق مال الكلام إليها، وسميت هذا الكتاب: "ميزان الأصول في نتائج العقول" ليزن العاقل قضايا العقول (٤) بهذا الميزان، حتى يظهر له الحق مثل العيان، فيعتقد الحق الصريح، ويرد الباطل المليح (٥)، وأطمع منه أن يذكرني بصالح الدعاء (٦)، قضاء لحق الإخاء، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب (٧).
* * *
_________
(١) كذا في ب. وفي الأصل: "البدعة".
(٢) "ثم" ليست في ب.
(٣) في ب: "يتبع".
(٤) كذا في ب. وفي الأصل: "العقل".
(٥) ملح الماء صار ملحًا وهو مليح أيضًا. وملح الشيء ملاحة بهج وحسن منظره فهو مليح (المعجم الوسيط).
(٦) في ب: "دعائه".
(٧) تذكرنا هذه المعاني والألفاظ بما قاله المؤلف نفسه في مقدمة كتابه "تحفة الفقهاء" وفيما يلي ما قاله في هذا الصدد (١: ١ - ٢): " اعلم أن المختصر المنسوب إلى الشيخ أبي الحسين القدوري ﵀ جامع جملا من الفقه مستعملة، بحيث لا تراها مدى الدهر مهملة. يهدى بها الرائض في أكثر الحوادث والنوازل، ويرتقي بها المرتاض إلى أعلى المراقي والمنازل. ولما عمت رغبة الفقهاء إلى هذا الكتاب، طلب مني بعضهم، من الإخوان والأصحاب، اْن أذكر فيه بعض ما ترك المصنف من أقسام المسائل، وأوضح المشكلات منه، بقوي من الدلائل، ليكون ذريعة إلى تضعيف الفائدة، بالتقسيم والتفصيل، ووسيلة بذكر الدليل، إلى تخريج ذوي التحصيل، فأسرعت في الإسعاف والإجابة، رجاء التوفيق من الله تعالى، في الإتمام والإصابة، وطمعًا من فضله في العفو والغفران والإنابة، فهو الموفق للصواب والسداد، والهادي إلى سبل الرشاد، وسميته "تحفة الفقهاء" إذ هي هديتي لهم، لحق الصحبة والإخاء، عند رجوعهم إلى موطن الآباء. فليقبل هديتي هذه من شاء كسب العز والبهاء، وليذكرني بصالح الدعاء في الحياة والممات، فهو غرضي ونيتي. والأعمال بالنيات، وقابل الأعمال عالم بالخفيات، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب".
1 / 5