ولم يقدم من المتأخرين ممن جبل على الذكاء والفهم، وتبحر في النوعين من العلم، على تصنيف في هذا الباب لرفع (١) هذا الخلل والإضطراب، لأعذار عندهم صحيحة ولموانع (٢) كثيرة، والتوفيق عزيز، والله تعالى (٣) يؤتي ملكه من يشاء. وليس من الشفقة والنصيحة إهمال هذا الأمر، وما للقادر عليه في الإمهال عذر - فرأيت الإقدام على إتمام هذا المرام حقًا واجبًا، وفرضًا لازمًا، على نفسي، بقدر الوسع والطاقة، مع القصور في البضاعة، فأسرعت في الإقدام، خوفًا من الإثم في الإعراض والإغماض (٤)، مع الإمكان، وإشفاقًا عن زوال نعم الله تعالى علي، بالكفران، مع ما أرجو من الله تعالى بذلك: ثوابًا دائمًا، وذكرًا وشرفًا، إلى قيام الساعة قائمًا.
ولما صممت على (٥) هذا العزم، رأيت (٦) من الشفقة على هذه الطبقة أن أكتب جملا من الفصول، في هذا النوع من الأصول، وأذكر في كل فصل منها (٧) مذاهب أهل السنة والجماعة، وعقائد أهل البدع والضلالة، ليكونوا على بصيرة من المذهب الصحيح، فلا يقعوا (٨) في شيء من المعتقد القبيح، إذ الفقيه المحض لا يقف على ذلك بخاطره، فربما (٩) يتشبث بالمذهب القبيح بحسن ظاهره، وتكون هذه الفصول إلى
_________
(١) في ب: "لدفع".
(٢) كذا في ب. وفي الأصل: "والموانع".
(٣) "تعالى" من ب.
(٤) أغمضت العين إغماضًا وغمضتها تغميضًا أطبقت الأجفان. ومنه قيل: أغمضت عنه إذا تجاوزت. وغمض الكلام: أبهمه. والغامض من الكلام خلاف الواضح (القاموس والمصباح).
(٥) صمم في كذا أو عليه مضى في رأيه ثابت العزم (المعجم الوسيط).
(٦) كذا في ب. وفي الأصل: "ورأيت".
(٧) "منها" من ب.
(٨) كذا في ب. وفي الأصل: "فلا يقع".
(٩) في ب: "وإنما".
1 / 4