أكتفي الآن بما قلت هاهنا لأني إنما ذكرت هذه الأشياء لأظهر السبب الذي من أجله يكون الماء الذي في بطن الأرض في الصيف باردا وفي الشتاء سخنا فأما ظهر الأرض فإنه مخالف فذلك لأنه حار في الصيف وبارد في الشتاء لأنه لم يكن يستقيم أن تصح الشجر وتحمل إذا كانت حرارة فوق الأرض وحرارة تحت الأرض كما أنه إذا أكل الإنسان أطعمة حارة ثم شرب الماء برد الماء حرارة الأطعمة.
إن الشجرة لا توافقها حرارة فوق الأرض وحرارة أسفلها أعني الأرض ولا برودة فوق الأرض وبرودة أسفلها لأنه إن كان حرارة فوق وأسفل جميعا عفنت الشجر ويبست من الحرارة التي تجتمع عليها من كل ناحية وماتت قواها وإن كانت الحرارة فوق والبرودة أسفل اغتذت الشجر بعروقها غذاء معتدلا لأن الشجر تحتاج إلى غذاء تجذبه بعروقها إلى رؤوس شجرتها وورقها من أجل حرارة الشمس فإذا اغتذى الشجر بعروقها برودة من الأرض في الصيف وأصابتها حرارة الشمس من فوق نضر ورقها وأثمرت وفي الشتاء أيضا إذا يبس أعلاها بالبرودة التي فوق عاشت عروقها بالحرارة التي أسفل ولكنها لا تورق ولا تثمر من أجل برودة الهواء الذي يقبضها ولا يدع الغذاء أن يصعد إليها.
إن كان الغذاء في الشجر في أعلاها وأسفلها جميعا شيئا واحدا وكانت الشجر رطبة لينة فوق القدر لم تثمر.
Page 75