فأما الغرس فإنه مخالف لهذه لأنه غليظ لين جدا وإنما يجذب الرطوبة بعروقه أولا ثم يغتذي أعلاه وهو يحتاج إلى قوى كثيرة لولا ذاك لكان ينبت فيه القضبان والورق قبل العروق.
[chapter 24]
إنه إذا صارت فيه الرطوبة التي يجذب من الأرض كثيرة انشعبت منه قضبان وشجون وانقلب الغرس عن ذاته الأولى بكثرتها.
إنه إنما ينبت نبات الشجرة بكثرة الرطوبة التي ترتفع وتنفرق في الشجرة أعني غذاءها الذي يغتذي به لأن هذا الغذاء مغطى داخل وهو يخرج إلى خارج وليس يكون خروجه باطلا ولكنه يضغط الغرس أولا ضغطا شديدا حتى ينخرق منه مواضعا وينشعب منه شجون وأفنان كثيرة أكثر من العروق التي في الأرض.
فتكبر الشجرة حينئذ وتعرض وتطول وتكثر عروقها في الأرض وذلك لأن بطن الأرض حار في الشتاء بارد في الصيف لأن الأرض رطبة في الشتاء من قبل الماء الذي ينزل من السماء أعبي المطر فتعصر بالماء والرطوبة وتنقبض وليس لها مواضع تحلل وتخرج بخارها لأنها ليست بواسعة المسام فلذلك صار أسفل الأرض حارا في الشتاء.
إن السركين إذا كسر يكون حارا شديد الحرارة وجميع الأشياء التي تدفن وتحبس تسخن سريعا من قبل الرطوبة التي فيها وتشتعل وتعفن من قبل الحرارة التي فيها لأن الهواء لا يصل إليها لأنها مغطاة.
وكل شيء يكون مغطى مدفونا يعفن من الحرارة فلذلك يكون بطن الأرض حارا إذ انقبضت مسامها.
إنها إذا دفنت واشتعلطت فيها حرارة عفنت ونتنت.
Page 72