إنه كما تكون الأم صحيحة أو مريضة كذلك يكون الجنين أيضا كما يغتذي النبات من الأرض التي ينبت فيها لأن البذر إذا بذر في الأرض قبل الرطوبة منها وذلك لأن في الأرض أنواع الرطوبة فلذلك يربو جميع ما يبذر ويزرع فيها وإذا امتلأ البزر من الرطوبة انتفخ وغلظ فتضطره الرطوبة حينئذ إلى الخروج لأن القوة التي في البزر خفيفة فينقلب ويخرج ويتحرك بقوة الرطوبة وقوة الهواء ويكون له ورق لأنه ينفصل بعضه من بعض برطوبته ويخرج ورقه إلى خارج أولا بقدر ما يقدر أن يغذو ورقه من الرطوبة التي كانت فيه فيوزع أسفل في الأرض أيضا وذلك ليضطر القوة ويهيجها فتبقى أسفل ويكون من الورق الممدود أصل ثابت نعما.
إنما سبب قوام الجنين آلات أمه وغذاؤه من غذاء أمه أيضا وإنما يغتذي بسرته فأما إذا ولد فليس غذاؤه مثل الذي كان يغتذي في البطن ولكنه يغتذي باللبن ثم يطعم الأطعمة ويشرب الأشربة بفمه فأما إذا كان في الرحم فإنما يغتذي بسرته من غذاء أمه وإذا ولد واغتذا فإنما يغتذي بطبيعته وطبيعته التي توزع غذاءه في جسده فهي تمنحه الغذاء بإذن الله تعالى.
إن لكل غصن عرق في الأرض يغتذي به منها وهذه العروق تمتد في الأرض فإذا امتدت وقويت وثبتت جذبت الغذاء من الأرض فهنالك يتم الزرع والغرس ويكمل ويتم لب البزر كله ويفنى بالنبات ما خلا القشر لأنه صلب وحينئذ يتنتن القشر في الأرض ولا يعرف.
إذا كبر الزرع كبرت عروقه وصارت له عروق واسعة فوق وأسفل وتحمله عروق أيضا واسعة تغذوه وله تجويف أيضا في العروق ليغتذي بي غذاء كثيرا دسما.
ولا يغتذي رطوبة لطيفة كما كان لكنه يغذب رطوبة غليظة دسمة ويسخن بحرارة الشمس من فوق وتكون ثماره مثل بزره ويخرج من حبة واحدة حبوب كثيرة.
Page 70