De la transmission à la création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
Genres
ظن أبو نصر أن الجوهر يتبرهن لأن الأجناس تتبرهن بالفصول مع أن الجوهر لا يتبرهن، ويظن أنه يكفي في البراهين أن يكون الحد الأوسط سبب الطرفين أو لأحدهما، وهو غير صحيح؛ لأن السبب يقتضي وجود الشيء. يبدو الفارابي منطقيا يريد البرهنة على كل شيء، وابن رشد عالما طبيعيا يبحث عن علل الأشياء. ويبدأ الكتاب كالعادة بالبسملة، وطلب العون من الرب، والصلاة والسلام على محمد وآله، وينتهي بالحمدلة والصلاة على محمد. (م) وفي «من كتاب العبارة» يتصدر الحكيم النموذج لا الشخص، ثم أوميروش، ويغيب الشراح اليونان. ومن الفرق يأتي المفسرون ثم المشاءون. ومن الكتب يحال إلى سوفسطيقي والسفسطة لأرسطو.
103
والحكيم والحقيقة شيء واحد. إذا اجتمعت المحمولات المفردة أو تفرقت فإنها تصدق مجموعة أو مفردة، والمحمولات المجموعة مركبة، وهي صنفان؛ المحمول بالعرض والمحمول بالذات؛ فالحقيقة مستقلة عن أرسطو. الحقيقة هي الحكمة بعد أن يتحول الشخص إلى الرمز، وأرسطو إلى الحكيم، والرمز إلى الحقيقة، والحكيم إلى الحكمة. وفي كل الحالات ابن رشد هو الذي يدرس ويستشهد بقول الحكيم. وأحيانا يتفق الشراح فيما بينهم على قول الحكيم، بينما يتأول البعض مثل ابن سينا على معنى آخر. وابن رشد يعرض قصد الحكيم لإثبات انحراف الشراح عنه. وقد يكون إثبات كذب مفهوم من جهة الاستعمال أو العادة، وليس من جهة الأمر في نفسه. وذلك لا يمنع من توجيه بعض الشكوك إلى الحكيم وإلى الشراح من بعده، بشرط أن تفهم أقواله فهما صحيحا دون تأويلها. ويبحث ابن رشد عن الوضوح، ويستدل من المقدمات على النتائج، ويبدد الشكوك ، ويكشف الكذب والوهم والغلط. وابن رشد يقول أيضا، وليس أرسطو وحده.
ومن الموروث يتصدر ابن سينا ثم أبو نصر. ويحال إلى كتاب السفسطة للفارابي.
104
وابن سينا أكثر حضورا من الفارابي؛ لأنه موضوع النقد. والمقال كله نقد لابن سينا بالرغم من غموض العنوان؛ هل هو كتاب العبارة لأرسطو أم للفارابي أم لابن سينا؟ والأرجح أنه لأرسطو؛ فالمقالات كلها في تمثل الوافد قبل تنظير الموروث. وقد شك ابن سينا على أرسطو وعلى جميع الشراح ووبخهم، واعتقد أنه إذا كان المفهوم من اللفظ في الإفراد، وهو المفهوم بعينه في التركيب، كان المفهوم من الإفراد صادقا حقا، وذهب عليه أنه ليس بإفراد، بل هو تركيب بالقوة؛ لذلك تكذب بعض المقدمات بالضرورة إذا أطلقت بطبيعة الإطلاق، لا من قبل الوهم والعادة كما ظن ابن سينا. يقتضي الحل والتركيب بذاته نقلة الفهم من الإطلاق إلى التقييد، ومن التقييد إلى الإطلاق، ومن الوحدة إلى الكثرة، ومن الكثرة إلى الوحدة، وليس لأن المفهوم واحد أو مغاير كما اعتقد ابن سينا نقلة بالعرض. عيب ابن سينا هو حسن ظنه بنفسه، والثقة الزائدة بها دون شك أو ارتياب؛ وبالتالي يستعمل تحليل الشخصية في النقد. والعيب كله من المفسرين لأرسطو مثل ابن سينا نقلا عن الفارابي من كتاب السفسطة. والحقيقة أن الفارابي وابن سينا كانا يقومان بعمليات التمثل لدرء أخطاء الوافد، وابن رشد يقوم بعملية أخرى بعد التمثل، وهي النقد التاريخي دفاعا عن أرسطو ضد الشراح المسلمين. ويقوم بدور القاضي بين المتخاصمين على تركة أرسطو. كان الشراح اليونان يمثلون الموروث الوافد، بينما كان الشراح المسلمون يمثلون الوافد الموروث. ويشك ابن سينا شكا على المشائين يتوجه إلى أرسطو نفسه، وإلى من أتى بعده من المفسرين. لم يكن ابن سينا مشائيا تابعا، بل هو مشائي مبدع. ويدرك ابن رشد مدى اتصاله وانفصاله عن المشائين. وقد أجمع المفسرون على مذهب الحكيم رواية عن ابن سينا وشرحا من الفارابي. ويستعمل ابن رشد بعض الأمثلة العربية للتوضيح، مثل: «زيد طبيب». ويبدأ المقال بالبسملة، وطلب العون من الله، والصلاة والسلام على محمد وآله. (ن) وفي «السابعة والثامنة من السماع الطبيعي» يتصدر أرسطو، ثم يحيى النحوي، ثم أفلاطون، ثم أبقراط. فشارح أرسطو هو يحيى النحوي، وليس الإسكندر أو ثامسطيوس. وظهر أفلاطون حتى تكتمل الصورة الأفلاطونية؛ فالشراح أحد أسباب الانحراف عن أرسطو ، وأيضا علماء اليونان مثل أبقراط. ويحال إلى السماء والعالم لأرسطو «مرة واحدة»، كما يحيل ابن رشد إلى باقي أجزاء الكتاب إلى المقالتين الثانية والثالثة تفسيرا للجزء بالكل نظرا لوحدة الموضوع ووحدة العمل.
105
ومن الموروث يحال إلى الفارابي، ثم إلى كتابه «الموجودات المتغيرة»، ثم إلى المتكلمين من أهل ملتنا، مع ذكر إشبيليا مكان التأليف.
106
والسؤال هو: لماذا كتب ابن رشد فقط مقالا في السابعة والثامنة من السماع الطبيعي؟ وما سبب الاختيار، الموضوع الدقيق أم الإشكال الخاص، كل متحرك له محرك، وهو أساس البرهان على وجود الله في الفكر الديني ولتصحيح فهمه حتى يقوم الفكر الديني الكلامي أو الفلسفي على أساس عقلي متين؟ يثبت ابن رشد التمايز بين المطلوبين في السابعة والثامنة دون تحديد المطلوب. والغرض من التمييز رفع الخلط، وإحكام الاشتباه، وبيان المجمل، كما هو معروف في منطق الأصول.
Page inconnue