De la transmission à la création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
Genres
يعرض ابن رشد مقدمات أرسطو، ويستنبط معه نتائجه، ويصف مقاصده، ويستأنف استدلالاته لبيان صحة قول أرسطو، واتساق مقدماته مع نتائجه. كل شيء له محرك، والمحرك الأول لا يتحرك. ولا يوجد «قال أرسطو»؛ لأن التأليف معالجة للموضوع نفسه وإعادة دراسته، سواء اتفق أو اختلف مع أرسطو بعد أن أصبح غامضا بفعل الشراح المسلمين، مثل أبي نصر، والنصارى مثل يحيى النحوي، الذين أسرعوا بالتشبث بالموضوع من أجل الإسراع في تبرير الخلق وتمرير وجود الله؛ فالمهم ليس أرسطو بل الدين، ليس الوسيلة بل الغاية، والغاية تبرر الوسيلة. وتظهر أيضا أفعال الشعور، مثل الفهم والبيان والفحص، ومسار الفكر البداية والنهاية، ووضع المقدمات واستنباط النتائج، ومراجعة فهم المفسرين ومقتضيات المنطق المعياري. ويكشف ابن رشد نقد البداية عن الغرض من قول أرسطو إن كل متحرك له محرك في السابعة والثامنة ومقارنة القولين؛ فبالرغم من التمايز بينهما إلا أنهما يشتركان في نفس الموضوع، فلا زيادة عند أرسطو ولا تكرار، لا ترويد ولا تحصيل حاصل. كما يبحث ابن رشد عن الوضوح. وهو الذي يقول، وليس أرسطو وحده. وينقد ابن رشد الشراح بأرسطو دفاعا عن أرسطو، وشارحا أرسطو بأرسطو مثل شرح القرآن بالقرآن. ولا يشير ابن رشد إلا إلى المفسرين مرة واحدة لبيان عدم فهمهم أمر الثقيل والخفيف وحركتهما من غيرهما.
وطريقة ابن رشد هو نفس طريقة أرسطو في فهم الحركة، لا طريقة الفارابي أو يحيى النحوي؛ فقد فهم أبو النصر أن القوة على الحركة تنقصها بالزمان، ولا تتسلسل المحركات بعضها عن بعض إلى ما لا نهاية، في حين أن ابن رشد يثبت أزلية الحركة كما هو الحال عند أرسطو. وخطأ الفارابي أنه ظن أن أرسطو يحدد الحركة بالزمان. وكذلك عارض يحيى النحوي أرسطو بحركة الأسطقسات من ذاتها في مقابل قول أرسطو بأزلية الحركة؛ فالقوة التي تتقدم الحركة توجد في الجسم وليس خارجة عنه. وقد فهم يحيى النحوي بطريقة مخالفة لفهم ابن رشد لأرسطو، وتابعه أبو نصر، وهي أن القوة على الحركة تتقدم الحركة بالزمان، وعارض أزلية الحركة عند أرسطو. وقد تعرض ابن رشد ليحيى النحوي في الطبيعيات وليس في المنطقيات. يؤيد الفارابي أزلية الحركة، ولكنه يسيء تأويل أرسطو، ويعارضها يحيى النحوي؛ فالشارح الإسلامي أكثر التزاما بأرسطو من الشارح النصراني، وأكثر قدرة على التمييز بين العقل والنقل، بين الوسيلة والغاية باسم الوحي، في حين أن يحيى النحوي ضحى بالعقل في سبيل الإيمان، وبالوسيلة من أجل الغاية. ويقوم ابن رشد بدور القاضي بين الاثنين، الفارابي الذي يسيء تأويل أرسطو لإثباته أزلية الحركة بارتباطها بالزمان، ويحيى النحوي الذي يثبت نهايتها، ويعود إلى أرسطو؛ أي إلى الموضوع ذاته. وأقوى شك ليحيى النحوي على أرسطو صاغه في قياس من ثلاث مقدمات ونهايته على النحو الآتي:
كل جسم متناه،
والسماء جسم،
وكيف يقبل السماء قوة غير متناهية؟ ∴
إما أن السماء أزلي، وإما
وفي القياس التقليدي من قياسين على النحو الآتي :
كل جسم متناه، السماء متناه،
السماء جسم، والمتناهي لا يقبل قوة غيرمتناهية، ∴
السماء
Page inconnue