De la transmission à la création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
Genres
ربما ليس له حزب ثوري يقوم بتحويل الأيديولوجيا الثورية إلى ممارسات ثورية بالرغم من التنبيه على ذلك سلفا في «التراث والتجديد».
16
ربما لأن الإعلام والثقافة والتعليم ما زال كل ذلك تحت سيطرة الدولة التي تستعمل العقيدة لإيقاف الحراك الاجتماعي والدفاع عن الوضع القائم بلسان فقهاء السلطان وفقهاء الحيض والنفاس، وتستعمل الثورة ضد العقيدة بفضل مثقفي الدولة وأجهزتها، تضرب هذا بذلك مرة، وذلك بهذا مرة أخرى حتى يضعف الجناحان ويقوى القلب. والكل يريد السلطة القائم فيها والمعارض لها، والثقافة لعبة السياسة، والوطن هو الخاسر.
17 (2) من علم أصول الدين إلى علوم الحكمة
كان من الطبيعي أن يأتي «من النقل إلى الإبداع» محاولة لإعادة بناء علوم الحكمة بعد «من العقيدة إلى الثورة » محاولة لإعادة بناء علم أصول الدين، وكما تم الإعلان عن ذلك في مشروع «التراث والتجديد» لعدة أسباب، أهمها: (أ)
علم أصول الدين وعلوم الحكمة كلاهما علمان نظريان يؤسسان عقائد ونظريات في مقابل العلمين المنهجيين اللذين يؤسسان مناهج وطرقا، علم أصول الفقه وعلوم التصوف. وعلى الرغم من وجود موضوع منهجي في علم أصول الدين، وهو «العقل والنقل»، وموضوع منهجي آخر في علوم الحكمة وهو «المنطق»، إلا أن الطابع العام للعلمين هو الطابع النظري. وهذا لا ينفي وجود فكر عملي أخلاقي سياسي في كلا العلمين، الإيمان والعمل والإمامة في علم أصول الدين؛ وعلم الأخلاق والسياسة وتدبير المنزل في الحكمة العملية في علوم الحكمة، ولكنه فكري عملي نظري؛ أي دراسة نظرية خالصة لموضوعات الأخلاق والسياسة والاقتصاد.
18 (ب)
علوم الحكمة تطوير طبيعي لعلم أصول الدين، وإعادة تفكير في نظرية العلم التي تحولت إلى منطق، ونظرية الوجود التي تحولت إلى طبيعات، والإلهيات التي ظلت إلهيات، والسمعيات أو النبوات إلى نفسانيات أو شرعيات، كما هو الحال عند إخوان الصفا بإضافتهم قسما رابعا إلى علوم الحكمة. المنطق تطوير لنظرية العلم، والطبيعات تطوير لنظرية الوجود، والإلهيات؛ أي نظرية واجب الوجود وتطوير لنظرية الذات والصفات والأفعال. وقد كان الفلاسفة الأوائل متكلمين قبل التحول إلى فلاسفة بفضل قراءة الوافد بالإضافة إلى الموروث مثل الكندي. ويقل الكلام تدريجيا حتى تبتلعه الفلسفة كما هو الحال في علم الكلام المتأخر ابتداء من القرن السادس. (ج)
علوم الحكمة أيضا تطوير طبيعي لعلم أصول الدين من حيث منهج الاستدلال؛ فبينما يعتمد علم أصول الدين على الدليل النقلي والدليل العقلي، فإن علوم الحكمة تعتمد في الغالب على الدليل العقلي وحده. صحيح أن الدليل النقلي وحده دون دليل عقلي دليل ظني طبقا لنظرية العلم في علم أصول الدين، وأن العقل أساس النقل عند المعتزلة، وأن من قدح في العقل فقد قدح في النقل لموافقة صحيح المنقول لصريح المعقول عند ابن تيمية، ومع ذلك فإن استعمال الدليل النقلي يعادل استعمال الدليل العقلي في علم أصول الدين.
19
Page inconnue