ويراد بالمعصية ما عدا إضاعة الصلاة والكفر البواح إذ إضاعة الصلاة، ورؤية الكفر توجب الجهاد، وجهاد الخارجين عن الدين لا يلاحظ قيد زيادة مفسدة قتالهم على مفسدة كفرهم فإنه لا يلاحظ ذلك في حرب الكفار اتفاقا.
ومن هنا يعرف وجه خروج الحسين السبط عليه السلام ومن ذكرنا آنفا على الأمراء الظلمة من يزيد، وهشام، والحجاج، والمنصور، ونحوهم، فإنهم خرجوا لإنكار المنكر الذي ارتكبه من خرجوا عليه، وقد كان حصل لهم الظن بحصول شرائط الإنكار وأنهم غالبون لفاعله، فإنه ما خرج منهم أحد إلا وقد تابعه عصابة وأقره على الموت دونه، فحصل لهم الظن أنه يتم كف أكف الظالمين عن العباد والبلاد فهم بالخروج مصيبون لمشاكلة الحق والصواب موافقون للسنة والكتاب.
وأما أحاديث ((واضربوا عنق الآخر )) فقد قدمنا لك أن ذلك فيمن قام لتفريق كلمة المسلمين منازعا في الملك، فليس ذلك من أهل هذا التأويل كما قررناه قريبا.. إلى أن قال: ولا ينبغي أن ينكره أحد من طوائف الإسلام، لأن الإنكار للمنكر بشروطه واجب من ضرورة الدين، بل لأجله كانت بعثة النبيين والمرسلين.
ولعل مثل الحسين السبط وغيره ممن ذكر حملوا أحاديث الصبر على جور الجائر إذا لم يوجد الناصر، أو أنها لم تبلغهم تلك الأحاديث) أو لأنهم رأوا تضييع أولئك الجورة الظلمة للصلاة، أو رأوا كفرا بواحا لم يجدوا فيه من الله جل وعلا معذرة.
Page 125