فمن منع من الخروج على الظالم نظر إلى أنه اطرد أنها لا تنزع يده مما هو عليه من المنكر إلا بأنكر مما أتى به، بل الغالب أنه يقع الأنكر ولا يرتفع المنكر بل ربما ظفر المتغلب الظالم بالخارج عليه فيزيد ضلالا إلى ضلاله وجرأة إلى جرأته، وجورا إلى جوره.
وإلى هذا يشير من قال: إنه يجب خلعه إلا أن يترتب عليه ما هو أشر من ظلمه ومنكره، فإن هذا معناه أنه يجب إنكار ولايته وكف يده عن البلاد والعباد، إلا أن يترتب عليه ما هو أشر من ولايته.
وأما من قال إنه لا يخرج عليه بحال وإنما يجب وعظه وتخويفه للأحاديث الواردة بذلك، فإنه كلام مبني على غير تحقيق، لأن الأحاديث الواردة بعدم قتاله مقيدة بما علم من ضرورة الدين من وجوب إنكار المنكر، والنهي عن الخروج عليه هو حيث يؤدي إلى أنكر وأعظم من فتنة أمارته، وإلا وجب خلعه عملا بما علم من وجوب إنكار المنكر باليد مع إمكانه.
فبهذا يعلم ضعف القول بأنه يخرج على الجائر وإن لم تكمل شرائط الإنكار، وعللوا ذلك بأن في خروج الجائر وقتله إذا ظفر به الجائر إعزازا للدين.
وبهذا التحقيق يشرق لك وجوه الأحاديث، ويجتمع شمل الأقوال، وتستريح من باردات التأويل، ويعلم جهل من قال: إنما قتل الحسين بسيف جده، وإنها كلمة حمقى صادرة عن غباوة وعدم تحقيق. انتهى بلفظه.
Page 126