(تنبيه): يدل مفهوم الشرط في الخبر أن من مات ولم يكن في زمانه إمام عدل بر تقي فهو بمعزل عن الوعيد بالميتة الجاهلية، وذلك بأن لا يوجد إمام في قطره، أو كان لا على الصفات المذكورة، وهو الذي سيأتي التعبير عنه بإمام الجور، فلا تجب طاعته، ولا الانتماء إليه، وسيأتي في الحديث الآتي أقوال العلماء في هذه المسألة وحججهم مستوفاة إن شاء الله .
هذا ويتعلق بظاهر الأصل وشواهده وما أدى معناها مسألتان:
الأولى: أن من خرج عن طاعة الإمام العادل البر التقي، وفارق الجماعة لم يخرج بذلك عن الإسلام، وإن شمله اسم البغي.
الثانية: أنه إذا لم يخرج على الإمام ولا قاتله ولا سفك دما حراما، ولا قطع سبيلا، ولا ظلم أحدا، أن الإمام لا يقاتله ليرده إلى الجماعة ويذعن بالطاعة بل يخليه وشأنه، لأنه لم يأمر صلى الله عليه وآله وسلم بقتاله، بل أخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن حال موت من كان كذلك بأنها ميتة جاهلية.
ولما ثبت عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في حكمه للخوارج ((كونوا حيث شئتم، وبيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما، ولا تقطعوا سبيلا، ولا تظلموا أحدا، فإن فعلتم نفذت إليكم بالحرب)) وهذا ثابت بألفاظ مختلفة عند أحمد، والطبراني، والحاكم من طريق عبد الله بن شداد.
وقال عبد الله بن شداد: فوالله ما قاتلهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدم الحرام.
فدل على أن مجرد الخلاف بالخروج من الطاعة، وعدم اتباعه لا يوجب قتال من خالفه، ذكره البدر الأمير.
Page 81