وأما حديث ابن عمر عند الحاكم السالف ذكره، والإمام أحمد في (مسنده) من حديث أبي ذر مرفوعا بلفظ: ((من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)) وأخرجه أبو داود في (سننه) بلفظه من حديث أبي ذر مرفوعا بدون ذكر ((قدر شبر)).
ويؤيده حديث مسلم من طريق ابن عمر مرفوعا بلفظ: ((من نزع يده من طاعة إمامه فإنه يأتي يوم القيامة ولا حجة له)) إلى غير ذلك، وما أدى معناها فمحمولة على من أراد شق العصا بين المسلمين.
ودلالة كل هذه الأدلة متفقة على وجوب طاعة الإمام، والتمسك بالجماعة، وتحريم الخروج من طاعته، وأنه من الكبائر لورود الوعيد على ذلك بالميتة الجاهلية ما لم يرجع، ولأن معه الجماعة ومفارقة الجماعة ترك السنة واتباع البدعة ذكره في ((النهاية))، وسيأتي تمام الكلام في الخبر الآتي إن شاء الله .
قوله: ((ميتة جاهلية)) بكسر الميم أي ميتة قبيحة وضدها ميتة حسنة، والكل للحال والهيئة، وهي مصدر نوعي ذكره في (المصباح)، أي ميتة منسوبة إلى أهل الجهل، وهم من مات على الكفر قبل الإسلام، وهو تشبيه حالة ميتة المسلم الذي مات بغير إمام بميتة من مات على الكفر قبل الإسلام، بجامع أن الكل لم يكن تحت إمام يؤمهم، ويجمع شملهم، ويحامي عليهم، ويحكم بينهم بما أنزل الله، ويعدل فيهم، وينصف لمظلومهم من ظالمهم، ويأخذ الحقوق الشرعية ممن هي عليه ويضعها في مواضعها الشرعية.
Page 80