وقوله: ((حتى يراجعه)) يدل على سقوط الوعيد بالرجوع إلى طاعة الإمام وقبول التوبة، فهذه الأدلة وما أدى معناها ناطقة بالوعيد بالميتة الجاهلية لمن خرج عن طاعة الإمام الذي وقع الاجتماع عليه لما في ذلك من مفارقة جماعة الإمام ومن معه، وما في بعضها من التعبير عن الخروج بنزع يد الطاعة أي طاعة الإمام وبالخروج عن السلطان وغير ذلك مما دلت عليه الأدلة المذكورة وإن اختلف لفظها، إذ المراد الترهيب من الخروج عن طاعة الإمام ويموت كذلك، وظاهرها سواء كان الإمام محقا أو جائرا، وما كان من الأدلة على هذا الأسلوب فيحمل المطلق منها على المقيد في حديث الأصل وما بعده، كما قرر في محله ورد بأن المقرر في محله من الأصول في مثل ذلك مع وقوع التعارض بينهما وإلا فلا.
وأجيب: بأن ظاهر الأدلة المطلقة ناطقة بمنع الخروج عن طاعة الإمام مطلقا، أي سواء كان إمام حق أو جور معارض بمنطوق الخبر الآتي، بلفظ: ((وأي إمام لم يحكم بما أنزل الله فلا طاعة له)) .
وعلى ذلك تحمل الأدلة المطلقة، وسيأتي تقرير المختار في الكلام على الحديث الآتي إن شاء الله.
فإن قيل: إن الأدلة المقيدة موقوفة على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والمطلقة مرفوعة ، ومثل ذلك لا يتأتى فيه حمل المطلق على المقيد؟
فقد أجيب: بأن الوعيد في الأدلة المقيدة مما ليس للاجتهاد فيه مسرح ونصوص علماء الحديث والأصول على حمل ما كان كذلك على الرفع كما قرر في محله.
Page 79