فيجعلون الأرض مكانا للمستقر عليه (1).
والمتكلمون قالوا : هو (2) الفضاء والبعد (3) وهو عدم محض ونفي صرف ، وجماعة من الأوائل نفوا وجود المكان ، وآخرون منهم حكموا بوجوده.
احتج النفاة بأنه لو كان موجودا ، لكان إما أن يكون جوهرا أو عرضا ، فإن كان جوهرا ، فإن كان متحيزا لزم التداخل وعدم تناهي الأمكنة أو الدور إن كان كل من المتحيزين مكانا لصاحبه فإن الحاجة حينئذ دائرة بينهما ، وإن كان مفارقا استحال ان يوصف الجسم بالانتقال عنه وإليه فإن المجرد ليس بذي وضع حتى يحصل له القرب من الأجسام والبعد عنها.
وان كان عرضا لزم الدور ، فإن المكان حينئذ يفتقر الى المتمكن والمتمكن يفتقر الى المكان ، ولأن العرض ينتقل بانتقال محله والمكان لا ينتقل بانتقال المتمكن.
وأيضا المكان إن كان جسما لزم التداخل ، وإن كان غير جسم استحال مساواته للجسم ، وهو خلاف ما عليه المثبتون للمكان.
وأيضا الانتقال كما يكون للجسم فكذلك للخط والسطح والنقطة ، فإن كان الانتقال هو الموجب لوجود المكان وجب أن يكون لهذه الأعراض مكان ، ومكان النقطة نقطة فلم كانت إحدى النقطتين أولى بأن يكون مكانا للأخرى من العكس (4)؟
Page 104