أحوال الحيوان والنبات والجماد ، ومثل ما فيه من الكلام في الفلك ، يراد بذلك كله التوجيه إلى العبرة والاستدلال على قدرة الصانع وحكمته ؛ لا تفصيل مسائل العلوم الطبيعية والفلكية التي مكن الله البشر من الوقوف عليها بالبحث والنظر والتجربة ، وهداهم إلى ذلك بالفطرة وبالوحي معا.
** 10 قاعدة الترغيب والترهيب في التنزيل الكريم
قال الشاطبي : إذا ورد في القرآن الترغيب ، قارنه الترهيب في لواحقه أو سوابقه أو قرائنه. وبالعكس. وكذلك الترجية مع التخويف وما يرجع إلى هذا المعنى ، مثله. ومنه ذكر أهل الجنة يقارنه ذكر أهل النار وبالعكس. لأن في ذكر أهل الجنة بأعمالهم ترجية. وفي ذكر أهل النار بأعمالهم تخويفا. فهو راجع إلى الترجية والتخويف. ويدل على هذه الجملة عرض الآيات على النظر. فأنت ترى أن الله جعل الحمد فاتحة كتابه وقد وقع فيه ( اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم ) [الفاتحة : 6] إلى آخرها. فجيء بذكر الفريقين. ثم بدئت سورة البقرة بذكرهما أيضا. فقيل : ( هدى للمتقين ). ثم قال : ( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ) [البقرة : 6] ثم ذكر بأثرهم المنافقون. وهم صنف من الكفار. فلما تم ذلك أعقب بالأمر بالتقوى ثم بالتخويف بالنار ، وبعده بالترجية. فقال : ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار ) [البقرة : 24] إلى قوله : ( وبشر الذين آمنوا ) الآية ثم قال : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا ) [البقرة : 26] الآية. ثم ذكر في قصة آدم مثل هذا. ولما ذكر بنو إسرائيل بنعم الله عليهم ثم اعتدائهم وكفرهم ، قيل : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا ) [البقرة : 62] إلى قوله : ( هم فيها خالدون ). ثم ذكر تفاصيل ذلك الاعتداء إلى أن ختم بقوله : ( ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ) [البقرة : 102]. وهذا تخويف. ثم قال : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة ) [البقرة : 103] الآية وهو ترجية. ثم شرع في ذكر ما كان من شأن المخالفين في تحويل القبلة ثم قال : ( بلى من أسلم وجهه لله ) [البقرة : 112] الآية. ثم ذكر من شأنهم ( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ) [البقرة : 121]. ثم ذكر قصة إبراهيم علية السلام وبنيه. وذكر في أثنائها التخويف والترجية. وختمها بمثل ذلك ، ولا يطول عليك زمان إنجاز الوعد في هذا الاقتران ، فقد يكون بينهما أشياء معترضة في أثناء المقصود ، والرجوع بعد إلى ما تقرر. وقال تعالى في سورة
Page 75