انحو الصعود إلى السماء بلا سبب، ولا بالجمع بين الضدين ولو كلفهم بذلك ما كان يقول: (فلله الححبة البتلغة). وإنما كان يقول: فله أن يفعل ما اليريد كما قال: ل يسئل عما يفعل) [الأنبياء: 23] لمن يقول في نفسه: كيف تأمرنا يا ربنا بأمر لم نقسم لنا فعله أو تنهانا عن شيء وقد قدرته علينا فهذا موضع لا يسأل عما يفعل ووقال : بلغني أن العصفور قال لزوجته حين راودها عن نفسها: لقد بلغ ااي من حبي لك أن لو قلت لي: اهدم هذه القبة على سليمان لهدمتها لك.
فأرسل سليمان خلفه وقال: ما حملك على هذا القول الذي تعجز عنه فقال: مهلا يا نبي الله إن المحيين إنما يتكلمون غالبا بلسان المحبة والعشق الا بلسان العلم والعقل، فضحك سليمان من قول الخطاف ولم يعاقبه.
اقلت: وفي هذه عذر عظيم لنحو سيدي عمر بن الفارض وآضرابه في التغزلاتهم فلا ينبغي إقامة موازين أهل العقول الكونية عليهم لآنهم إنما تكلموا بلسان العشق فافهم وسلم تسلم وقال في الباب الرابع والثمانين ومائة : كرامات الأولياء على قسمين حسية ومعنوية، فالحسية للعامة والمعنوية للخاصة ؛ قال : والحسية هي مثل الكلام على الخاطر والإخبار بالمغيبات الماضية والكائنة والآتية، والأخذ من الكون والمشي على الماء، واختراق الهواء، وطي الأرض والاحتجاب عن الأبصار وإجابة الدعوة في الحال ونحو ذلك، وأما الكرامة المعنوية عندا الخواص فهي: حفظ آداب الشريعة من فعل مكارم الأخلاق واجتناب افسافها والمحافظة على أداء الواجبات مطلقا في أوقاتها والمسارعة إلى الخيرات وإزالة الغل للناس والحسد والحقد لهم وطهارة القلب من كل صفة ام ذمومة وتحليته بالممر مع الأنفاس ومراعاة حقوق الله في نفسه وفي الأشيا وومراعاة أنفاسه في دخولها وخروجها فيتلقاها بالآدب ويخرجها وعليها خلعة الحضور، فهذه كلها هي الكرامات عندنا فإنه لا يدخلها مكر ولا استدراج بخلاف كرامة العامة . وإيضاح ذلك أن الكرامة عند الخواص من لازمها العلم الصحيح والوفاء بالمعهود ومعلوم أن الحدود الشرعية لا تنصب حبالة للمكر الالهي وليست الدنيا بمحل لخرق العوائد وإنما محل ذلك الدار الآخرة .
Page inconnue