اللهم فجنبنا طريقة أقوام لم يقوموا بحق العلم وأرادوا به الدنيا، وأعرضوا عما لهم في الآخرة من الدرجة العليا، فلم يهنؤوا بحلاوته، ولم يمتعوا بنضارته، بل خلقت عندهم ديياجته، ورثت حالته، وعرف مقداره جماعة من السادة فعظموه وبجلوه ووقروه واستغنوا به، ورأوه بعد المعرفة أفضل ما أعطي البشر، واحتقروا في جنبته كل مفتخر، / وتلوا: ﴿فما آتني الله خير مما آتاكم﴾، وكيف لا يكون الأمر كذلك والعلم حياة والجهل موت، فبينهما كما بين الحياة والموت.
ولقد أحسن القائل:
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله. . . فأجسامهم قبل القبور قبور
وإن امرءا لم يحي بالعلم ميت. . . وليس له حتى النشور نشور
وعن إسماعيل بن عبيد الله، عن عبد الله بن عمرو قال: من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه. ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا من الخلق أعطى أفضل مما أعطى فقد حقر ما أعظم الله وعظم ما حقر الله. ليس ينبغي لحامل القرآن أن يجهل فيمن يجهل، ولا يجد فيمن يجد، ولكن يعفو ويصفح لحق القرآن.
1 / 90