بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرفنا بكلمة التوحيد وكرمنا بالاعتقاد السديد وأيدنا باتباع كتابه وسنة نبيه أحسن تأييد وسهل انتزاع الأحكام منهما على كل مجتهد مجيد وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا طريقة كل جبار عتيد وشيطان مريد ونوع أصناف خلقه في الدنيا وحصرهم في الآخرة بين شقي وسعيد ووعدهم على طاعته وأوعدهم على معصيته فهم راجون خائفون أبدا بين وعد ووعيد سبحانه هو المبدئ المعيد الوارث الشهيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد له الحمد على نعمه التي لا تحصى وقد أمر بالتحدث بنعمته وله الشكر على ما أولى من التفقه في كتابه وسنته وصلواته وسلامه على سيدنا محمد خير بريته صلاة وتسليما باقيين على التأبيد وعلى آله وصحابته وأزواجه وذريته وأشياعه وعترته كما صلى
1 / 47
على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنه حميد مجيد. اللهم وصل على ملائكتك وأنبيائك وسائر رسلك وأوليائك وسلم عليهم أجمعين وبارك وعلى التابعين لهم بإحسان الذين هم صفوة العبيد وألحقنا بهم بلطفك ورحمتك وإن قصرنا في محاولة طاعتك وجنبنا طرق مخالفتك وقرب علينا فيما يرضيك كل بعيد واجعلنا يا ذا المنن والطول إذ لم يكن لنا إلا بك قوة ولا حول من الذين هدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد
/ أما بعد:
فإن العلم قد درست أعلامه وقل في هذه الأزمان إتقانه وإحكامه، وآل به الإهمال إلى أن عدم احترامه، وترك إجلاله وإعظامه، فتدارك بعد المحافظة عليه انصرامه، حتى صعب مرامه، وكاد يجهل حلاله وحرامه، هذا مع حث الشرع عليه، ونظره بعين التبجيل إليه، ووصفه العلماء القائمين به بخشيتهم إياه ورفع درجتهم وضمه لهم مع الملائكة في شهادتهم.
قال الله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾
وقال: ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم﴾
وقال: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾
وقال: ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾
1 / 48
وقال: ﴿بل هو آيات بَيِّنات في صدور الذين أوتوا العلم﴾
وقال: ﴿والراسخون في العلم يقولون آمنا به﴾
وقال: ﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾
إلى غير ذلك من الآيات التي فاز بها العالمون.
وأخبر الرسول المصطفى ﷺ بفضل العالم وأنه يوم القيامة يشفع، وقال:
«إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع»
أخرج أبو عبد الله بن يزيد بن ماجه القزويني في «سننه» وغيره من حديث أبان بن عثمان عن أبيه عثمان بن عفان ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء"
وقال بعض أهل العلم: أعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله ﷺ.
1 / 49
وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم في سننهم بأسانيدهم عن أبي الدرداء ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
"من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في جوف الماء، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وأورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر».
فليعلم أن العلم- كما قيل-:
أنفس ما طلبه الطالبون، وأجلُّ شيء رغب فيه الراغبون، وأفضل فضيلة سعى لها الفاضلون، باستثماره سعد الصالحون، وبانتحاء مناره فاز الفائزون، اتفق على شرفه الأمم وتطابقت، وتظاهرت الأدلة على تفضيله وتناصرت، فهو ساعد السعادة، وأس السيادة، والمرقاة إلى النجاة إلى في الدار الآخرة التي هي مطمح أمال الستبصرين، وغاية مضمار الموفقين.
1 / 50
ومن كلام السلف:
لولا العلم لكان الناس كالبهائم.
مثل العالم في البلدة كالعين العذبة نفعها دائم.
قال ابو مسلم الخولاني ﵀: مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء
إذا بدت للناس اهتدوا، وإذا خفيت عليهم تحيروا. ومثل الصالحين مثل الأميال في الأرض ينجوا بها السالك من الضلالة.
وقال ميمون بن مهران: بنفسي العلماء، وجدت صلاح قلبي في مجالستهم، هم بغيتي في أرض غربة، وهم ضالتي إذا لم أجدهم.
وقال عمرو بن الحارث المصري: الشرف شرفان: شرف العلم، وشرف السلطان، وشرف العلم أشرفهما.
وقال يحيى بن أكثم: فلان عن فلان قال: قال: لا. قال: لكني أعرفه: رجل في
حلقة يقول: حدثنا فلان بن فلان قال: قال رسول الله ﷺ قلت: يا أمير المؤمنين هذا خير منك وأنت ابن عم رسول الله وولي عهد المسلمين؟ قال:
1 / 51
نعم، ويلك هذا خير مني لأن اسمه مقترن باسم رسول الله ﷺ لا يموت أبدًا نحن نموت ونفنى والعلماء باقون / ما بقي الدهر.
وقال ذو النون المصري:
الناس كلهم موتى إلا العلماء، والعلماء كلهم نيام إلا العاملين، والعاملون كلهم مغترون إلا المخلصين، والمخلصون، والمخلصون على خطر عظيم.
[قال الله تعالى: ﴿ليسأل الصادقين عن صدقهم﴾]
ما أحسن هذا الكلام، وما أوقعه في قلوب الموفقين من سامعيه، نسأل الله تعالى العمل بالعلم والإخلاص فيه.
ويروي للقاضي أبي محمد عبد الوهاب المالكي رحمه الله تعالى:
وا لهف نفسي على شيئين لو جمعا ... عندي لكنت امراءًا من أسعد البشر
كفاف عيش كفاني ذل مسألة ... وخدمة العلم حتى ينقضي عمري
1 / 52
وللعلامة أبي القاسم الزمخشري:
وكل فضيلة فيها سناء ... وجدت العلم من هاتيك أسمى
فلا تعتد غير العلم ذخرا ... فإن العلم كنز ليس يفنى
فصل
وانضم إلى شرف العلم أن طلبه من أحسن العبادات وأفضلها، والتقرب به إلى الله تعالى من القربات وأكملها.
جاء عن إمامنا أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ﵀ عليه أنه قال:
ما تقرب إلى الله ﷿ بعد أداء الفريضة بأفضل من طلب العلم.
هذه رواية حرملة بن يحي عنه.
وفي رواية الربيع بن سليمان عنه قال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.
وفي رواية أخرى عنه: ليس بعد أداء الفرائض شيء أفضل من طلب العلم
قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله.
1 / 53
وروي معنى ذلك عمن تقدم الشافعي من التابعين وأتباهم ﵃.
جا. عن الحسن البصري أنه قال: ما أعلم شيئا أفضل من الجهاد في سبيل الله إلا أن يكون طلب العلم فإنه أفضل من الجهاد في سبيل.
وقال الإمام أبو عبد الله سفيان من سعيد الثوري: لا أعلم شيئا من الاعمال
أفضل من طلب الحديث لمن حسنت نيته فيه.
وروي مثله عن صاحبه عبد الله بن المبارك.
/ وقال الإمام أبو عمرو الاوزاعي: من تعلم بابا من العلم كان أفضل من عبادة
حول يصام نهاره، ويقام ليله.
وقال سليمان التيمي: كنا في مجلس نتذاكر فيه الفقه والسنن ومعنا أبو مجلز،
فقال رجل: لو قرأتم سورة. فقال أبو مجلز: ما نرى أن قراءة سورة أفضل مما نحن فيه.
1 / 54
وقال ابن عبد الحكم: كنت عند مالك أقرأ عليه العلم، فدخل وقت الظهر، فجمعت الكتب لأصلي فقال: يا هذا ما الذي قمت إليه بأفضل مما كنت فيه إذا صحت النية.
يعني قيامه لأحراز فضيلة أول الوقت والله أعلم.
وصح عن الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل أنه قال لابنه عبد الله لما قدم أبو زرعة الرازي من الري إلى بغداد: يا يبني قد اعتضت عن نوافلي بمذاكرة هذا الشيخ.
وكل هؤلاء من أئمة الهدى، الذين بهم يقتدى، وجاء مثل ذلك عن الصحابة ﵃ موقوفًا ومرفوعاَ.
قال ابن عباس: مذاكرة العلم ساعة خير من إحياء ليلة.
1 / 55
وقال ابن مسعود: لأن أجلس في مجلس فقه ساعة أحب إلي من صيام يوم وقيام ليلة.
وروي مرفوعاَ إلى النبي ﷺ: «فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع».
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: قال أبو هريرة وأبو ذر: باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوع، وباب نعلمه عملنا به أو لم نعمل أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا. وقالا: سمعنا رسول الله ﷺ يقول: إلى إذا جاء طالب العلم وهو على هذه الحال مات وهو شهيد.
1 / 56
وعن أبي بكر الهذلي، عن عون بن عبد الله أن رجلا جاء إلى أبي ذر فقال له: يا أبا ذر إني أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه. قال له: تعلم العلم فإنك إن مت عالما خير لك من أن تموت جاهلا. ثم جاء إلى أبي الدرداء فقال له: يا أبا الدرداء إني أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه. فقال / له: تعلم العلم فإنك أن توسد العلم خير من أن توسد الجهل. ثم جاء إلى أبي هريرة فقال: [يا أبا هريرة إني أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه].
فقال له أبو هريرة: تعلم العلم فإنك لن تجد له إضاعة أشد من تركه.
وفي روا ية قال أبو ذر: إنك أن توسد العلم خير من أن توسد الجهل.
وقال أبو الدرداء: إن الناس يبعثون من قبورهم على ما ماتوا عليه، فيبعث العالم عالما والجاهل جاهلا. وقال أبو هريرة ما أنت بواجد شيئا أضيع له من تركه.
1 / 57
وفي رواية قال أبو ذر: إن تفترش العلم خير من أن تفترش الجهل. وقال أبو هريرة: كفى بترك العلم إضاعة. قال الحسن البصري: وكان أبو هريرة من أحسن القوم كلامًا.
صدق وبر فإنا مأمورون بالعلم وبالعمل، فلا ينبغي أن يحملنا تقصيرنا في العمل على أن نقصر في تحصيل العلم، فنكون قد خالفنا الأمر فيهما، مع أنه يرجى من بركة العلم النافع أنه يفضى بصاحبه إلى العمل، فقد جاء عن جماعة من أكابر التابعين وأتباعهم في العلم والدين أنهم قالوا: تعلمنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله.
وقال بعضهم: تعلمنا العلم وما لنا فيه كبير نية ثم رزقنا الله النية بعد.
فهذا تفسير قول من قال: «تعلمناه لغير الله فأبى أن يكون إلا لله» أى فحصلت النية.
1 / 58
وذكر الغزالي في «كتاب الأحياء» أن بعضهم قال: معناه أن العلم أبى وامتنع علينا فلم تنكشف لنا حقيقته، وإنما حصل لنا حديثه وألفاظه.
والتفسير الأول إذ بعض الروايات فسر بعضا، ووقع هذا القول من جماعة أكابر لا يظن بهم سوى المعنى الأول.
قال سماك بن حرب: طلبنا هذا الأمر ونحن لا نريد الله به، فلما بلغت حاجتي دلني على ما ينفعني، وحجزني عما يضرني.
فهذا معنى ما ذهبوا إليه يرحمهم الله.
/فصل
ثم أفضل العلوم بعد معرفة الله تعالى معرفة أحكامه وتكاليفه التي بعث بها الرسل، وأوضح لها السبل، وهي المعالم الدينية. ثم علم الفقه المستخرج من ذينك الأصلين، الكافل لمن قام به على الوجه المأمور به فضلا بل فضلين، وإلى
1 / 59
ذلك الإشارة بقوله ﷺ في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: «العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل: آية محكمة، وسنة قائمة وفريضة عادلة» أخرجه أبو داود وابن ماجة في سننهما.
وفي الصحيحين من حديث معاوية أبن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» وفيهما أيضا من حديث أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: «الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا»
وفي جامع الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت، وفقه في الدين».
1 / 60
وفي الحديث:
«فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد. لكل شيء عماد وعماد الدين الفقه. ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين».
وعن عمر بن علي بن أبي طالب رفعه: «نعم الرجل الفقيه إن احتيج إليه انتفع به، وإن استغنى عنه أغنى نفسه».
وقال علي الأزدي: سألت ابن عباس عن الجهاد؟ فقال: ألا أدلك على ما هو خير لك من الجهاد؟ تبنى مسجدا فتعلم فيه القرآن والفقه في الدين أو قال السنة.
وعن كعب أن الحواريين قالوا لعيسى بن مريم ﵉: يا روح الله هل بعدنا من أمة؟ قال: نعم أمة أحمد، حكماء علماء، أبرار أتقياء، كأنهم
1 / 61
من الفقه أنبياء، يرضون من الله باليسير من الرزق، ويرضى الله منهم باليسير من العمل.
وقال سفيان بن عيينة:/ لم يعط أحد بعد النبوة شيئًا أفضل من العلم والفقه.
والله در القائل:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ... إلا الحديث والفقه في الدين
ولقد أحسن الآخر في قوله:
غاية العلم بعيد غورها ... إنما العلم بحور زاخرة
فعليك الفقه منه تحتوي ... شرف الدنيا والآخرة
فالفقه عميم الفائدة عظيم الجدوى، وإليه المرجع في الأحكام والفتوى،
فليطلب بفضل عناية مصحوبة بالتقوى، فهو ثمرة تلك الأصول المباركة والطريقة
المثلى.
واعلم أن استخراج مسائل الفقه وتحقيقها متوقف على إحكام علم أصول الفقه، وإتقان كل هذه العلوم متوقف على التبحر في معرفة علم اللسان العربي، من وجوهه وطرقه ومجازه ومجازي استعماله؛ ولهذا ضل كثير ممن
1 / 62
جهله فزلوا في علم الأصول والفروع أنواعًا من الزلل، وأخطؤوا فيها ضروبًا من الخطأ والخطل. قال أبو عبيد: سمعت الأصمعي يقول: سمعت الخليل بن أحمد يقول سمعت أيوب السختياني يقول: عامة من تزندق بالعراق لجهلهم بالعربية.
وقال الزهري: إنما أخطأ الناس في كثير من تأويل القرآن لجهلهم بلغة العرب.
قلت:
وسبب الخطأ حمل الألفاظ مطلقًا على ظواهرها، وانصراف الأذهان عن مجاري كلام العرب، والغفلة عن كثرة تصرفاته تفننه ومذاهبه التي لا يعقلها إلا العالمون به. وهو لغة صاحب الشريعة المنزل على لغته كلام مرسله، المبلغ ما أنزل إليه من ربه المبين له ﷺ.
وكل علم من هذه العلوم بحر زاخر، لا يحصل على درره إلا كل سابح ٍ غواصٍ ماهرٍ، ولا سبيل إلى الإحاطة بجميعها لفاضل، فليمتثل ما / أشار إليه القائل:
ما حوى العلم جميعا أحد ... لا ولو مارسه ألف سنه
إنما العلم بعيد غوره ... فخذوا من كل شيء أحسنه
قيل لبعض الحكماء: من يعرف كل العلم؟ فقال: كل الناس.
يعني كل العلم الذي آتاه الله خلقه لا يعرفه إلا جميعهم، ولا يعرف العلم بأسره مطلقًا إلا خالقهم ﷿.
1 / 63
فصل
والفقه كان شعار أكثر أصحاب رسول الله ﷺ الذين صحبوه ولازموه، ورزقوا فهم ما تلقوه عنه وسمعوه، كالخلفاء الأربعة وباقي العشرة وابن مسعود ومعاذ وأبي وزيد بن ثابت وأبي موسى وأبي الدرداء وعائشة وابن عمر وابن عباس وبن عمرو وابن الزبير وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وغيرهم.
ونقل الفقه أيضًا عن غيرهم في مواضع قليلة كأبي ذر وعمار وحذيفة وسلمان وعبادة بن الصامت وأبي مسعود وفضالة وواثلة وخالد ومعاوية وعمرو بن العاص وأم سلمة وأسماء بنت أبي بكر الصديق والحسن والحسين ﵃ أجمعين.
والأولون اشتهروا به وكثرت فتاويهم فيه، وأكثرهم في ذلك تسعة: عمر وعلى وابن مسعود وأبي وزيد وأبو موسى وعائشة وابن عمر وابن وعباس ﵃.
والذين اشتهروا من هؤلاء بكثرة الأصحاب ثلاثة: عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس.
واعتماد أهل المدينة في الفقه على رأي زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر.
1 / 64
واعتماد أهل مكة على رأي ابن عباس.
واعتماد أهل الكوفة على رأي علي وعبد الله بن مسعود.
واعتماد أهل البصرة على رأي أبي موسى وعمران بن حصين وغيرهما.
وكان بالشام معاذ وأبو الدرداء وغيرهما.
ثم انتقل الفقه إلى التابعين فمن بعدهم:
فكان بالمدينة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وخارجة بن زيد / وسليمان بن يسار وعبيد الله بن عبد الله وأبو بكر بن عبد الرحمن، وهؤلاء هم فقهاء المدينة السبعة المشهورون بهذه العبارة.
وقد جمعوا في بيت قال ناظمه:
ألا كل من لا يقتدي بأئمة ... فقسمته ضيزى عن الحق خارجه
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجه
ومن جملة فقهاء المدينة أيضًا من التابعين:
سالم بن عبد الله وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبان بن عثمان وقبيصة بن ذؤيب وغيرهم من كبار تابعي المدينة.
ولحقهم من تابعيها أيضًا عمر بن عبد العزيز وعلي بن الحسين ويحي بن سعيد وأبو الزناد والزهري وربيعة وغيرهم.
1 / 65
ثم انتقل إلى أتباع التابعين كابن أبي ذئب والماجشون والإمام مالك بن وأصحابه.
وكان بمكة عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعكرمة وسعيد ابن جبير وابن أبي مليكة وعمرو بن دينار وغيرهم.
ثم انتقل إلى ابن أبي نجيح وابن جريح وسفيان بن عيينة ومسلم بن خالد وسعيد بن سالم وغيرهم.
ثم انتقل إلى الإمام أبي عبد الله الشافعي وأصحابه.
وكان بالكوفة أصحاب ابن مسعود الأكابر: علقمة وعبيدة ومسروق والأسود وعبد الرحمن ابنا يزيد وعمرو بن شرحبيل وشريح القاضي وغيرهم.
وبعدهم عامر الشعبي وإبراهيم النخعي.
وبعدهم الحكم بن عتيبة وحماد بن أبي ليلى والحسن بن صالح وشريك والإمامان أبو حنيفة وسفيان الثوري وأصحابهما.
وكان بالبصرة الحسن وابن سيرين ومطرف بن عبد الله وجابر بن زين وأبو قلابة.
ثم قتادة وأيوب ويونس وسليمان التيمي وأبن عون وعثمان البتي.
ثم الحمادان ابن زيد وابن سلمة ويحي بن سعيد وابن مهدي.
وكان بالشام أبو إدريس الخولاني / وشهور بن حوشب وابن أبي زكريا وبن حيوة وعبادة بن نسي ومكحول وغيرهم.
1 / 66