وموضوع الكتاب هو كما قلت كيف ضل عقل الإنسان وكيف اهتدى؛ أي إنه يعالج الأساطير القديمة ونشأتها، ثم أيضا تسللها إلى الثقافات التالية لها.
ولا أنسى أن أقول هنا إن هذا الكتاب يناقض الكتاب الذي ذكرته قبله، وهو «التاريخ البشري»؛ فإن هذا الكتاب يعزو كل شيء إلى مصر، أما كتاب فريزر فيعتمد على أن الأوساط البشرية متشابهة؛ ولذلك هي تنتهي إلى أخلاق وعادات وعقائد وفنون متشابهة.
ومن حق القارئ العربي أن يعرف هذين النقيضين، وأن يستنتج بقوة ما عنده من منطق ومعارف سوف يكشف عنها المستقبل.
أما الكتاب الرابع فهو كتاب خلاصة التاريخ لويلز، وأنا أعتقد أننا يمكن أن نؤلف كتابا يضارعه أو يفضله، والكتاب الأول الذي ذكرته هنا يشبه كتاب ويلز.
وقد نصحت بأن يكون مؤلفا وليس مترجما، ولكني أحب أن أضع كتاب ويلز هنا للمقارنة، وهو عندي خير من الكتاب الذي أشرفت وزارة المعارف على نقله وترجمته، وهو «التاريخ العام للعالم» الذي حرره ولم يؤلفه هامرتون؛ وذلك لأني أجد أن كتاب ويلز توجيهي، يهدف إلى اعتبار البشر أمة واحدة، كما أنه يعلو على التفاصيل التي لا تدل، وهو لذلك ممتلئ في إيجازه، مستقر في عبارته، أما كتاب هامرتون فمفصل، ومسهب، في غير تنوير أو توجيه.
أما الكتاب الخامس الذي ينقص المكتبة العربية، فهو كتاب جيبون عن تاريخ الدولة الرومانية، وهو رواية تجري على نسق الطبري، ولا أظن أنه يقرأ كثيرا في أوروبا، وخير منه ألف مرة كتاب مومسون.
كتاب جيبون هو رواية غير مدروسة، ولكنها صحيحة.
وكتاب مومسون هو دراسة غير ممتعة وإن تكن صحيحة.
وأنا أنصح بترجمة هذا الكتاب؛ لأن الأمم العربية اتصل تاريخها بتاريخ الدولة الرومانية نحو 700 أو 800 سنة، وهذه الدولة هي أشقى وأظلم وأبغى دولة نشأت في العالم، ويجب لهذا السبب أن نعرفها، ونعرفها من التاريخ الخام الذي فصله لنا جيبون.
أما الكتاب السادس فهو ترجمة بحياة ليوناردو دافنشي باعتبار أنه يمثل في شخصه نوازع النهضة الأوروبية، حين شرع الناس يسألون أسئلة الأطفال ويستطلعون في غير خشية أو وقار، وعندما يقرأ شبابنا هذه الحياة، فإنه سيقف منها على معاني النهضة التي ما زلنا نجهلها في مصر، ويستطيع عندئذ أن يميز بين أصدقائه وأعدائه، وأن يرسم منها خريطة المستقبل لبلاده.
Page inconnue