(( و)) الشرط الثاني: (( أن لا يكون في أوصافها )) أي: العلة حيث قلنا بتعدد الأوصاف (( مالا تأثير له في الحكم )). بحيث لو قدر عدم ذلك الوصف في الأصل لم يعدم الحكم فيه، بل يثبت مع فقده، فلا بد في كل واحد منها إن يكون مما يبعث على الحكم حيث هي باعثة، أو يدل عليه حيث هي إمارة. كما يقال في الإستدلال على وجوب القصاص في القتل بالمثقل بالقياس على القتل بالمحدد: قتل عمد عدوان. فإن لكل واحد من هذه الأوصاف تأثيرا في اقتضاء الحكم، وهو وجوب القصاص. وإن لم يكن كذلك لم يصح التعليل به، ولو كان تركه مما يؤرث النقض للعلة .
مثال ذلك أن يقال في ضمان التالف من النور بمثله مثلا: مثلي ليس بلبن المصرآة فيضمن بمثله .ويجعل قوله: ليس بلبن المصرآة جزأ من العلة، وهو ليس بباعث على الحكم ولا أمارة عليه، ولو أسقط لانتقض القياس بلبن المصرآة .فمثل ذلك لا يصح أن يكون علة .
(( و)) الشرط الثالث: أن توافق العلة الحكم و(( لا تخالفه في التغليظ والتخفيف )) لعدم المماثلة .
مثال ذلك أن يقول القائس في التيمم: مسح يراد به الصلاة فيسن فيه التكرار كالوضوء. فيعترض بأن العلة وهي كونه مسحا تخفيف،
والحكم الموجب عنها وهو التكرار تغليظ، فلا ملآءمة بين العلة وبين حكمها، فلا تكون باعثة عليه ولا أمارة له، فلا يصح.
أو يعلل كون التكرار في الغسل غير مسنون بكونه غسلا، فإن العلة وهي كونه غسلا تغليظ، والحكم الموجب عنها وهو عدم التكرار تخفيف. فلا يتلآءمان .
(( و)) الشرط الرابع: (( أن لا تكون العلة مجرد الاسم )). نحو أن يعلل تحريم الخمر بكونه يسمى خمرا، فهذه العلة لا تصح. (( إذ )) الاسم (( لا تأثير له )) في اقتضاء الأحكام. ولا دلالة له عليها، لأنها أي: الأسماء، تابعة للإختيار. والمصالح والمفاسد لا يجوز أن تتبع الإختيار. والله أعلم.
Page 67